الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أخبار الحمقى والمغفلين **
معاشرة الصبيان سبب للغفلة: وهذا شيء قل أن يخطىء ونراه مطرداً ولا نظن السبب في ذلك إلا معاشرة الصبيان وقد بلغني أن بعض المؤدبين للمأمون أساء أدبه على المأمون وكان صغيراً فقال المؤمون: ما ظنك بمن يجلو عقولنا بأدبه ويصدأ عقله بجهلنا ويوقرنا بزكانته ونستخفه بطيشنا ويشحذ أذهاننا بفوائده ويكل ذهنه بغينا فلا يزال يعارض بعلمه جهلنا وبيقظته غفلتنا وبكماله نقصنا حتى نستغرق محمود خصاله ويستغرق مذموم خصالنا فإذا برعنا في الاستفادة برع هو في البلادة وإذا تحلينا بأوفر الآداب تعطل من جميع الأسباب فنحن الدهر ننزع منه آدابه المكتسبة فنستفيدها دونه ونثبت فيه أخلاقنا الغريزية فينفرد بها دوننا فهو طول عمره يكسبنا عقلاً ويكتسب منا جهلاً فهو كذبالة السراج ودودة القز. قاضٍ لا يقبل شهادة المعلمين: قال الجاحظ: كان ابن شبرمة لا يقبل شهادة المعلمين. وكان بعض الفقهاء يقول: النساء أعدل شهادة من معلم. معرفة المؤدب بالقراء عجيبة: وقد روينا أن الشعبي قال: سمعت أبا بكر يقول: مررت بمؤدب وقد تلا على غلام فريق في الجنة وفريق السعير فقلت: ما قال الله من هذا شيئاً إنما هو قال: حدثنا محمد بن خلف قال: قال بعض المجان: مررت ببعض دور الملوك فإذا أنا بمعلم خلف ستر قائم على أربعة ينبح نبح الكلاب فنظرت إليه فإذا صبي خرج من خلف الستر فقبض عليه المعلم فقلت للمعلم: عرفني خبرك قال: نعم هذا صبي يبغض التأديب ويفر ويدخل إلى الداخل ولا يخرج وإذا طلبته بكى وله كلب يلعب به فأنبح له فيظن أني كلبه ويخرج إليه فآخذه. لماذا أقرأ الكسائي بالري: عن الكسائي قال: كان الذي دعاني أن أقرأت بالري أني مررت بمعلم صبيان يقرأ ذواتى أكل خمط وأتل بالتاء فتجاوزته فإذا معلم آخر قد ذكرت له ذلك فقال: أخطأ الصواب وابل فدعاني إني أقرأت الصبيان. قال الجاحظ: قلت لبعض المعلمين: ما لي لا أرى لك عصا قال: لا أحتاج إليها إنما أقول لمن يرفع صوته أمه زانية فيرفعون أصواتهم وهذا أبلغ من العصاة وأسلم. لماذا يضرب معلم غلمانه: قال: وقلت لمعلم: لم تضرب غلمانك من غير جرم قال: جرمهم أعظم الأجرام يدعون لي أن انصرفوا اليوم أيها الصبيان: قال غلام للصبيان: هل لكم أن يفلتنا الشيخ اليوم قالوا: نعم قال: تعالوا لنشهد عليه أنه مريض فجاء واحد منهم فقال: أراك ضعيفاً جداً وأظنك ستحم فلو مضيت إلى منزلك واسترحت فقال لأحدهم: يا فلان يزعم فلان أني عليل فقال: صدق الله وهل يخفى هذا على جميع الغلمان إن سألتهم أخبروك فسألهم فشهدوا فقال لهم: انصرفوا اليوم وتعالوا غداً. ضرب معلم غلاماً فقيل: لم تضربه فقال: إنما أضربه قبل أن يذنب لئلا يذنب. الجاحظ والمعلم: قيل: إن معلماً جاء إلى الجاحظ فقال: أنت الذي صنعت كتاب المعلمين تعيبهم قال: نعم قال: وذكرت فيه بعض المعلمين جاء إلى الصياد وقال: إيش تصطاد طرياً أم مالحاً قال: نعم قال: ذلك أبله ولو كان فيه ذكاء كان يقف فينظر أن خرج طري علم أو خرج مالح علم. المعلم والصبيان يتصافعون: قال الجاحظ: مررت بمعلم وصبيانه يتصافعون وبعضهم يصفع المعلم فقلت لهم: ما هذا قال: يكون لي عليهم دين فقلت له: ينسى ويقضى لا أراه يحصل شيئاً. قال: مررت بمعلم وقد كتب لغلام وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً وأكيد كيداً فمهل الكافرين أمهلهم رويداً فقلت له: ويحك فقد أدخلت سورة في سورة قال: نعم إذا كان أبوه يدخل شهراً في شهر فأنا أيضاً أدخل سورة في سورة فلا آخذ شيئاً ولا ابنه يتعلم شيئاً. ذهب صبيانه يتصافعون: قال الجاحظ: ومررت بمعلم صبيان وهو جالس وحده وليس عنده صبيانه فقلت له: ما فعل صبيانك قال: ذهبوا يتصافعون فقلت: اذهب وانظر إليهم فقال: إن كان ولابد فغط رأسك لئلا يحسبوك أنا فيصفعوك حتى تعمى. الجمل يعض إذن نفسه: ورأيت معلماً قد جاءه غلامان قد تعلق كل واحد منهما بالآخر فقال: يا معلم هذا عض أذني فقال: ما عضضتها وإنما عض نفسه فقال: يا ابن الخبيثة جمل حتى يعض أذن نفسه سرق الصبيان خبز المعلم: قال الجاحظ: من أعجب ما رأيت معلماً بالكوفة وهو شيخ جالس ناحية من الصبيان يبكي لماذا يشتم المعلم: قال أبو العنبس: كان ببغداد معلم يشتم الصبيان فدخلت عليه وشيخ معي فقلنا: لا يحل لك فقال: ما أشتم إلا من يستحق الشتم فاحضروا حتى تسمعوا ما أنا فيه فحضرنا يوماً فقرأ صبي عليها ملائكة غلاظ شداد يعصون الله ما أمرهم ولا يفعلون ما يؤمرون فقال: ليس هؤلاء ملائكة ولا أعراب ولا أكراد. فضحكنا حتى بال أحدنا في سراويله. وقرأ عليه آخر وهم الذين يقولون لا تنفقوا إلا من عند رسول الله فقال: يا ابن الفاعلة أتلزم النبي بنفقة مال لا تجب عليه شرط بين المعلم والصبيان: قال بعضهم: مررت بمعلم الصبيان يضربونه وينتفون لحيته فتقدمت لأخلصه فمنعني وقال: دعهم بيني وبينهم شرط إن سبقتهم إلى الكتاب ضربتهم وإن سبقوني ضربوني واليوم غلبني النوم فتأخرت ولكن وحياتك إلا بكرت غداً من نصف الليل وتنظر فعلي بهم فالتفت إليه صبي وقال: أنا أبات الليلة ها هنا حتى تجيء وأصفعك. المعلم حل المعضلة: عن أبي الفتح محمد بن أحمد الحريمي قال: كان عندنا بخراسان إنسان قروي فكان له عجل فدخل داره وأدخل رأسه في جب الماء ليشرب فبقي رأسه في الجب فجعل يعالج رأسه ليخرجه من الجب فلم يقدر فاستحضر معلم القرية فقال: قد وقعت واقعة قال: فما هي فأحضره وأراه العجل فقال: أنا أخلصك أعطني سكيناً. فذبح العجل فوقع رأسه في الجب وأخذ حجراً وكسر الجب فقال القروي: بارك الله فيك قتلت العجل وكسرت الجب.
سبب غفلة الحاكة: عن أبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: حدثنا سفيان عن أبي هرون يعني موسى بن أبي عيسى أن مريم ذهبت تطلبه يعني عيى فلقيت حائكاً فقال: ذهب هكذا قال سفيان: كذبها فقالت: اللهم توهه. فلا تجده إلا تائهاً. وسألت رجلاً خياطاً فأرشدها فدعت له فهو يجلس إليهم. وعن موسى بن أبي عيسى أن مريم فقدت عيسى فدارت تطلبه فرأت حائكاً فلم يرشدها فدعت عليه فلا تزال تراه تائهاً ورأت خياطاً فأرشدها فدعت له فهو يأنس إليهم ويجلس معهم.
جار الجاحظ: عن أبي العيناء قال: قال لي الجاحظ: كان لنا جار مغفل جداً وكان طويل اللحية فقالت له امرأته: من حمقك طالت لحيتك فقال: من عير عير. قال: وقد رأى على بابه قذراً فقال: هذا الذي قذر خلفنا إن كان صادقاً فليقذر في وجوهنا حتى نعلم. وولد له ولد فقيل له: ما تسميه فقال: عمر بن عبد العزيز وهنؤوه به فقال: إنا هو من الله ومنكم. دعا الله أن لا يؤاخذ موسى: وعن أحمد بن عمر البرمكي قال: قال أبو المنذر: مرت بي آية وهي قوله تعالى: أفسد بدل أن يصلح: عن إسماعيل بن زياد قال: نشزت على الأعمش امرأته وكان يأتيه رجل يقال له: أبو البلاد فصيح يتكلم بالعربية يطلب منه الحديث فقال له: يا أبا البلاد: إن امرأته قد نشزت علي وغمتني فادخل عليها وأخبرها بمكاني من الناس وموضعي عندهم فدخل عليها فقال: إن الله قد أحسن قسمك هذا شيخنا وسيدنا وعنه نأخذ ديننا وحلالنا وحرامنا لا يغرك عموشة عينيه ولا خموشة ساقيه فغضب الأعمش عليه وقال: أعمى الله قلبك قد أخبرتها بعيوبي كلها أخرج من بيتي فأخرجه. زيادة المرء أو نقصه في التكلم: عن محمد بن سلام قال: قال الشعبي: كان شاب يجلس إلى الأحنف فأعجبه ما رأى من صمته إلى أن قال له ذات يوم: أود أن تكون على شرف هذا المسجد وإن لك مائة ألف درهم فقال له: يا ابن أخي والله إن مائة الألف لمحروص عليها ولكني قد كبرت وما أقدر على القيام على هذه الشرفة وقام الفتى فلما ولى قال الأحنف: الطويل: وكأين ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم مزاح ابن عمر: عن نافع قال: كان ابن عمر يمازح جارة له فيقول: خلقني خالق الكرام وخلقك خالق اللئام. فتغضب وتصيح وتبكي ويضحك ابن عمر. من قصص ابن أبي الشوارب: عن محمد بن الحسن بن زياد عن بعض ولد أبي الشوارب وكان أحمق أن أباه أمره بتقيير حب فقيره من خارج فقال له أبوه: ما هذا الفعل قال: إذا شئت أن تقلبه فاقلبه. وحكي أن هذا المذكور قد احتلم ليلة في وقت بارد وكره أن ينغمس في الماء البارد وطلب شيئاً يسخن فيه الماء فلم يجد فنزع ثوبه وعبر النهر سباحة حتى استعار شيئاً يسخن فيه الماء ورجع سباحة ثم سخن فيه واغتسل. عن أبي العيناء أنه قال: رأيت يوماً في الوراقين منادياً مغفلاً في يده مصحف مخلق الأداة فقلت له: ناد عليه بالبراءة من العيب وأنا أعني به الأداءة فأقبل ينادي بالبراءة مما فيه فأوقعوا به. لماذا لم يوتر المغفل: عن البحتري قال: قال لي السراج: منذ أربعين سنة لم أوتر خلافاً لمن يوجبها قلت: أنظر إلى تغفيل هذا الرجل كيف ترك واجباً عند قوم وسنة عند الأكثرين وما يضر من أوجبها من تركه إياها. لا أبيت في هذه البلدة: عن معمر أنه قال: دخلت مسجد حمص فإذا أنا بقوم لهم رواد فظننت فيهم الخير فجلست إليهم فإذا هم ينتقصو علي بن أبي طالب ويقعون فيه فقمت من عندهم فإذا شيخ يصلي ظننت فيه الخير فجلست إليه فلما أحس بي وسلم قلت: يا عبد الله ما ترى هؤلاء القوم ينتقصون علياً ويشتمونه وجعلت أحدثه بمناقبه وأنه زوج بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو الحسنين وابن عم الرسول فقال: يا عبد الله ما لقي الناس من الناس ولو أن أحداً نجا من الناس لنجا منهم أبو محمد رحمه الله هو ذا يشتم وحده. قلت: ومن أبو محمد قال: الحجاج بن يوسف. وجعل يبكي فقمت عنه وقلت: لا يحل لي أن أبيت في هذه البلدة فخرجت من يومي. أعجب ما أرى في الكوفة: قال: وفي هذا المعنى قال ابن الماجشون: كان لي صديق مدني فقدته مدة ثم رأيته فسألته عن حاله فقال: كنت بالكوفة فقلت: كيف أقمت بها وهم يسبون أبا بكر وعمر فقال: يا أخي قد رأيت منهم أعجب من ذا قلت: وما هو قال: يفضلون الكباشي على معبد في الغناء فسمع المهدي بذلك فضحك حتى استلقى. الشعير أولاً: وعن علي بن مهدي قال: مر طبيب بأبي واسع فشكا إليه ريحاً في بطنه فقال له: خذ الصعتر. فقال: يا غلام دواة وقرطاس وقال: قلت ماذا أصلحك الله قلت: كف صعتر ومكوك شعير فقال: لم لم تذكر الشعير أولاً قال: ما علمت أنك حمار إلا الساعة. خبير بالبراذين: وعن ابن خلف قال: كان رجل يعرف بالمسكي يدعي البصر بالبراذين فنظر يوماً إلى برذون واقف قد بلع رأس اللجام فقال: العجب كيف لا يزرعه القيء أنا لو أدخلت أصبعي في حلقي لما بقي في جوفي شيء قال: قلت الآن علمت أنك بصير بالبراذين. إذا جاء رمضان استويا في العمر: قال: وسأل أبو نواس أحد الوراقين الذين كانوا يكتبون في حانوت أبي داود: أي أسن أنت أم أخوك قال: إذا جاء رمضان استوينا. قال: وسرقت منه دراهم فقيل له: نرجو أن نكون في ميزانك فقال: من الميزان سرقت. لا أحتاج إلى أحد: وقيل لسورة الواسطي وأراد سفراً: أحسن الله صحابتك: قال: ما أحتاج الموضع أقرب من ذلك. يموت إن شاء الله: عن أبي حصين قال: عاد رجلٌ عليلاً فعزاهم فيه إنه لم يمت فقال: يموت إن شاء الله. وعن أبي عاصم قال: قال رجل لأبي حنيفة: متى يحرم الطعام على الصائم قال: إذا طلع الفجر قال: وإذا طلع الفجر نصف الليل قال: قم يا أعرج. جليس أبي حنيفة: عن أبي بكر بن مروان قال: كان يجلس إلى أبي حنيفة رجل يطيل الصمت فأعجب ذلك أبو حنيفة وأراد أن يبسطه فقال له: يا فتى ما لك لا تخوض فيما نخوض فيه فقال الفتى: متى يحرم على الصائم الطعام فقال أبو حنيفة: أنت رجل أعرف بنفسك. جليس أبي يوسف: وعن طاهر الزهري قال: كان رجل يجلس إلى أبي يوسف فيطيل الصمت فقال له أبو يوسف: ألا تتكلم قال: بلى متى يفطر الصائم قال: إذا غابت الشمس قال: فإن لم تغب إلى نصف الليل فضحك أبو يوسف وقال: أصبت في صمتك وأخطأت في استدعائي لنطقك ثم قال: الطويل: عجبت لإزراء العيي بنفسه وصمت الذي كان بالصمت أعلما وفي الصمت ستر للعيي وإنما صحيفة لب المرء أن يتكلما عن أبي الحسن المدني قال: سرق لأبي الجهم بن عطية حمار فقال: لا والله يا رب ما أخذ حماري غيرك وأنت تعرف موضعه فاردده علي. إنه يعرف لبس أمه: عن مسعود قال: وجه عمرو بن سلمة ابن قتيبة أخاه ليشتري لأمه كفناً فقال للبائع: لا تنتخبه فإنها رحمها الله كانت رديئة اللبس. مسألة غامضة قال الدارقطني: عن أبي الحسين بن عبد الرحيم الخياط قال: كنت جالساً عند أحمد بن الحسين فجاءته امرأة برقعة فيها مسألة فقال لي: اقرأها علي يا أبا الحسين فقرأتها فإذا فيها: رجل قال لامرأته أنت طالق إن ثم وقف عند إن فقال لها: فما حال إن قالت: لسن أعرف عند إن. فقال لي: أعد القراءة فأعدت عليه كما قرأت أول مرة فقال لها: فثم وقف عند إن هذه ولم يتم قالت: لا والله ما أعرف وقف عند إن قال: وكان في المسجد جماعة فقال لهم: أنظروا فقرأوا كلهم كما قرأت ثم تنبه بعضهم لذلك فقال: إنما هو: رجل قال لامرأته أنت طالق إن ثم وقف عند إن. وعن المرزبان قال: قال أبو عثمان البصري: كان أخوة ثلاثة أبو قطيفة والطبلي وأبو كلير وهم ولد غياث بن أسيد فأما أحدهم فكان يحج عن حمزة بن عبد المطلب ويقول: استشهد قبل أن يحج والآخر يضحي عن أبي بكر وعمر ويقول: غلطا في ترك الأضحية والآخر يفطر عن عائشة أيام التشريق ويقول: غلطت في صوم أيام العيد فمن صام عن أبيه فأنا أفطر عن أمي عائشة. غافل أساء الأدب: قال أبو عثمان: وذكر لأبي شعيب البلال عبد الله بن حازم وحميد الطوسي ويحيى الحرمي وما كانوا فيه من كثرة القتل والضرب والعذاب فقال: ويحهم كيف يجسرون على ذاك الأسد! يعني الله تعالى عما قال. شهادة الأحمق: قال أبو عثمان: وسمع بعض الحمقى مؤذناً يؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله فقال الأحمق: أشهدها مع كل شاهد وأجحدها مع كل جاحد. لا يرى ضرورة للقسم: وعن علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال: تقدم إلي في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وأنا أتقلد القضاء بالأهواز في مجلس حكم رجلان ادعى أحدهما على الآخر دعوى فسألته عنها فأنكرها فطالبت المدعي ببينة فعدمها وطلب استحلاف الخصم فقتل له: أتحلف فقال: ليس له علي شيء كيف أحلف ولو كان له علي شيء لحلفت له وأكرمته. خرج من الكتاب فتعلم كل شيء: وعن ثمامة بن أشرس قال: شهدت رجلاً وقد قدم خصماً له إلى بعض الولاة فقال: أصلحك الله أنا رافضي ناصبي وخصمي جهمي مشبه مجسم قدري يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي بن أبي سفيان ويلعن معاوية بن أبي طالب فقال له الوالي: ما أدري مم أتعجب من علمك بالأنساب أم من معرفتك الألقاب قال: أصلحك الله ما خرجت من الكتاب حتى تعلمت هذا كله. عاقل يجري عليه حكم جاهل: وعن محمد بن المبرد عن الحسن بن رجاء أن الرشيد لما غضب على ثمامة دفعه إلى سلام الأبرش وأمره أن يضيق عليه وأن يدخله بيتاً ويطين عليه ويترك فيه ثقباً ففعل دون ذلك وكان يدس إليه الطعام فجلس سلام عشية وهو يقرأ في المصحف فقرأ ويل يومئذ للمكذبون فقال ثمامة: إنما هو المكذبين وجعل يشرح ويقول: المكذبون هم الرسل والمكذبين هم الكفار فقال: قد قيل لي: إنك زنديق ولم أقبل ثم ضيق عليه أشد الضيق قال: ثم رضي الرشيد عن ثمامة فجالسه فقال: أخبروني عن أسوأ الناس حالاً فقال كل واحدٍ شيئاً قال ثمامة: وبلغ القول إلي فقلت: يا أمير المؤمنين عاقل يجري على حكم جاهل فتبينت الغضب في وجهه فقلت: يا أمير المؤمنين ما أحسبني وقعت بحيث أردت قال: لا والله فانشرح فحدثته بحديث سلام فضحك حتى استلقى وقال: صدقت والله لقد كنت أسوأ الناس حالاً. صب علي الماء البارد: عن المرزبان قال: أخبرني بعض أصحابنا قال: قال رجل لرجل في يوم بارد: أصبت عليك جرة ماء وأعطيك درهماً! فتلكأ فقال آخر: إفعل ذلك علي والدرهم بيني وبينه. حلق الله لحيتك: وعن ابن المرزبان قال: أخبرني بعض الأدباء قال: قال رجل من العراق لرجل من الشام في كلام جرى بينهما: حلق الله لحيتك قال: بمكة إن شاء الله. كذلك قال بعض الأدباء: قال: سئل خطيب أي أفضل معاوية أم عيسى بن مريم فقال: لا إله إلا الله أتقيس كاتب الوحي بنبي النصارى. خروج الريح في الصلاة: قال: تقدم رجل إلى بعض الفقهاء فقال له: الرجل إذا خرجت منه الريح تجوز صلاته قال: لا قال: قد فعلت أنا وجاز. اعترفت بذنبي فاغفر لي: وعن ابن المرزبان قال: دعا رجل من الأشراف بمكة فقال: اللهم إن كنت ما تعرفني فأنا فلان بن فلان وأني مررت بعبدك فلان وهو يقول شيئاً فيه فحش فرفسته فانبطح يفحص برجليه ميتاً اللهم قد أقررت لك الآن فاغفر لي كما تريد. موضع إن شاء الله: وخرج رجل إلى السوق يشتري حماراً فلقيه صديق له فسأله فقال: إلى السوق لأشتري حماراً فقال: قل إن شاء الله فقال: ليس ها هنا موضع إن شاء الله الدراهم في كمي والحمار في السوق فبينما هو يطلب الحمار سرقت منه الدراهم فرجع خائباً فلقيه صديقه فقال له: ما صنعت فقال: سرقت الدراهم إن شاء الله فقال له صديقه: ليس ها هنا موضع إن شاء الله. لا تستثن حتى تسلم: قال: وركب أحمقان في قارب فتحركت الريح فقال أحدهما: غرقنا والله وقال الآخر: لا إن شاء الله قال: لا تستثن حتى تسلم. تزوج الصغيرة تقليلاً للشر: قال: وأخبرني بعض أصحابنا قال: تزوج رجل امرأة صغيرة فقيل له في ذلك فقال: إنما المرأة شر وكلما أقللت من الشر كان خيراً. عمل بالنصائح مجتمعة: عن أبي علي البصري: قال: أخبرت أن رجلاً ورث مالاً جزيلاً فعمل فيه ما اشتهى فقال: أريد أن تفتحوا علي صناعة لا يعود علي منها شيء فأتلف بها هذا المال فقال له أحد جلسائه: اشتر التمر من الموصل واحمله إلى البصرة وقال آخر له: اشتر من ابر الخياطة التي ثلاثة بدرهم فإذا جمعت عشرة أرطال أسبكها نقداً تبيعها بدرهمين وقال آخر: اشتر ما شئت واخرج إلى الأعراب فبعه منهم وخذ سفاتجهم إلى الأكراد وبع من الأكراد وخذ سفاتجهم إلى الأعراب فكان يفعل ذلك حتى فني ماله. عن الحارث قال: قال رجل لامرأته وقد غضب عليها: يا هذه أنا الذي إذا رأيت المرأة تأتي بقبيح أهينها وأهين من يهينها. عمر أبي فضالة: قال الحارثي: وكان يلزم القاضي أبا الحسن الهاشمي رجل بالبصرة من أهلها يقال له أبو فضالة وكان ربما سأل القاضي عن مولده فيقول: ولدت في سنة خمس وسبعين ومائتين فما أراه يكثر في طول هذه المدة فإذا الكبر يكون عنده بقدم المولد إلى فوق. ظن الهرة مصباحاً: قال: وكنا نتماشى في ليلة مقمرة فرأى سنوراً أبيض أسود الذنب فقال لي: يا أحمد ما ترى هذه السبيكة التي في طرفها المصباح ترى ممن سقطت وجاء ليأخذها فوثبت عليه ونهشت يده فأفلتها. عجوز تلعن نفسها: عن الهذيل أنه قال: كان عندنا بالمدينة لحام فجاءته عجوز فقالت: أعطني بدرهم لحماً وطيبه لي وأخبرني باسمك حتى أدعو لك فأعطاها شر لحم وقال: اسم من تمد فلما أفطرت العجوز جعلت تمد اللحم فلا تقدر عليه فجعلت تقول: لعن الله من تمد فتلعن نفسها. وحكي أن قصاباً كان ينادي على اللحم سري تعالوا على أربعة. أمشي وأربح حماراً: عن محمد الداري قال: كان عندنا رجل بدارا وكان فيه غفلة فخرج من دارا ومعه عشرة أحمر فركب واحداً وعدها فإذا هي تسعة فنزل وعدها فإذا هي عشرة فلا زال كذلك مراراً فقال: أنا أمشي وأربح حماراً خير من أن أركب ويذهب مني حمار فرأيته يمشي حتى كاد يتلف إلى أن بلغ قريته. احرصي أن تلد امرأتي غلاماً: قال: وطلقت امرأة أبي الهذيل فقالوا له: امض خلف القابلة فجاءها فقال: امض إلى بيتنا حتى تقبلي امرأتي واحرصي أن يكون غلاماً ولك علي دينار. عادة أبي حفص: عن أبي العيناء قال: كان عندنا بالبصرة رجل يكنى أبا حفص ويلقب ببلاغة قال: كان يمر بالقوم فيقول: أنتم لا صبحكم الله إلا بالخير ويمر بآخرين ويقول: أنتم لا مساكم الله إلا بالكرامة وكان لا يمر آخر كلامه حتى يسبح. يضع لحماره مخلاة فارغة: عن أبي سعيد الحربي قال: كان إبراهيم بن الخصيب أحمق وكان له حمار وكان بالعشي إذا علق الناس المخالي أخذ مخلاة حماره فقرأ عليها لا يقع الطلاق حتى يرضى أبوك وأمك: عن أبي إسحاق الجوني قال: كان لنا جار نحاس يقال له: عباس قد أتى عليه خمس وثمانون سنة قال: فسألته إمرأة عن مسألة فقالت له: زوجي طلقني ثلاثاً فقال: أرضي أبوك وأمك قالت: لا قال: فاذن يجوز العود حتى يرضى أبوك وأمك قالت: قد سألت أبا إسحاق فقال لي: قد طلقت فقال: وما يدري أبا إسحاق أنا أبصر منه وأعلم منه وأكبر منه. أنا ألقيت حيلة زوجة: عن المروزي قال: اشترى أبو عبد الحميد سمكة فنام إلى أن تستوي فجيء بالسمكة فأكلتها امرأته مع نساء ثم مسحت شفتيه وأطراف أصابعه منها فانتبه فدعا بالغداء وقال: هاتوا السمكة فقالت له امرأته: يا مخبل ألست قد أكلتها ونمت ولم تغسل يديك فشم يده فوجد ريح السمك فغسل يده وقال: ما رأيت سمكة أمرأ من هذه قد جعت فهيئوا لي الغداء. أكلت وما شبعت: عن يحيى بن معين قال: اشترى غندر سمكاً فقال لأهله: أصلحوه ونام فأكل عياله السمك ولطخوا يده به فلما انتبه قال: قدموا السمك قالوا: قد أكلت قال: صدقتم ولكني ما شبعت. غندر يتحدث عن سلامته: وقيل لغندر: إن الناس يعظمون أمر السلامة التي فيك فحدثنا منها بشيء صحيح قال: صمت يوماً فأكلت ثلاث مرات ناسياً أكلت ثم ذكرت أني صائم ثم نسيت ثم ثنيت ثم ثلثت فأتممت صومي. وقال: سمعت أبي يقول: قال المأمون: اختر لي إسماً أسمي به جاريتي هذه لا أمشي في جنازة: عن أبي بكر بن زياد قال: مات جار لمكي فلم يتبع جنازته فقال له: ويحك لم لم تتبع جنازته فقال: أنتم مجانين أذكر بنفسي. عالم بالنجوم: عن سفيان قال: كان رجل يقول لعمرو بن دينار: أنا أبصر بالنجوم فقال له عمرو: أتعرف الهقعة والقنعة والوقعة قال: نعم قال: الآن لا تعلم من النجوم شيئاً. شيخ من الري يهذي: دخل على حاتم العقيلي شيخ من أهل الري فقال: أنت الذي تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام قال: قد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال له: كذبت إن فاتحة الكتاب لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نزلت في عهد عمر بن الخطاب. الجارية النادبة: فمن للمنابر والخافقات والجرد بعد إمام العرب ومن للطعان غداة الهياج ومن يمنع البيض عند الهرب ومن للعفاة وفك العتاة و من يفرج الكرب عند الكرب فقال أسماء: إنها لتندب رجلاً شريفاً فمن هو فقيل له: إنه فلان البقال ابن وردان الحائك فقال: هذه أعظم من المصيبتين. الكلب المفضل: عن المدائني: لقي رجل رجلاً ومعه كلبان فقال: هب لي أحدهما فقال: أيهما تريد فإن الأسود أحب إلي من الأبيض قال: فهب لي الأبيض قال: الأبيض أحب إلي من كليهما. كساه الأمير ثوبين: قال طارق: ودخل رجل على بلال فكساه ثوبين فقال: كساني الأمير ثوبين فأتزرت بالآخر وارتديت بالآخر. دعا على نفسه: قال طارق: ووقع بين جار لنا وجار له يكنى أبا عيسى كلام فقال: اللهم خذ مني لأبي يدغدغ نفسه: قال ابن الفرج: حدثني أبي قال: رأيت إنساناً يدغدغ نفسه فقلت له: لم تفعل هذا قال: اعتممت فأردت أن أضحك قليلاً. ماتت امرأته فندبها بحمق: قال ابن خلف: وقيل لهبيرة لما ماتت امرأته: اندبها اذكرها بشيء قال: يا فلانة رحمك الله لقد كان بابك مفتوحاً ومتاعك مبذولاً. اسم التاجر: عن عبد الرحمن بن داود قال: لقي تاجر تاجراً فقال له: ما اسمك ولا تطول فقال: أبو عبد منزل القطر عليكم من السماء تنزيلاً الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه فقال: مرحباً بك يا ثلث القرآن. لا تخرج من البئر حتى أنقذك: وذكر ابن حبيب أن أخاً لعثمان بن سعيد سقط في البئر فقال أخوه: أنت في البئر قال: أما حلف أن لا يبيت إلا عند أهله: قال ابن خلف: قال محمد أخذ شراعة العسس فأمر به إلى السجن فقال: أصلحك الله علي يمينٌ أن لا أبيت عن أهلي. ناجية المغفل: وقال: أخبرني بعض أصحابنا قال: أراد ناجية الخروج إلى بغداد فوضع سلماً وجعل يصعد وينزل فقيل له ما تصنع قال: أتعلم السفر. قال: ودخل الماء إلى كعبه فصاح الغرق فقيل له في ذلك فقال: أردت أن آخذ بالوثيقة. وعنه دخل على أبي يعقوب وهو يجود بنفسه فقيل له: قل لا إله إلا الله فقال: المتقارب: أمثلي يروع بالنائبا ت ويخشى حوادث صرف الزمن أذلني الله ذل الحم ار وأدخلني حر أمي إذن لا يحب غيبة الجوز: وعنه: حدثني عبد الرحمن بن محمد قال: اشترى رجل جوزاً وجعل يقلبه فأخذ جوزه في يده فقال: ما أرى في جوفها شيئاً ثم قال: أستغفر الله لا أكون أغتبتها. وعنه: ذكر عن حباب بن العلاء قال: كنت بالمدينة فحضرت قاضياً بها فإذا رجل قد أقبل يقود حماراً ومعه رجل آخر فأخبر أن حماره سرق وأنه وجده مع هذا فسأله القاضي فقال: الحمار لي وهو في يدي فقال للمدعي: ألك بينة! قال: نعم فقال: أحضهم فقام وركب الحمار ومضى عليه فأقبلت على الذي كان الحمار في يده فقلت له: كيف أعطيته الحمار بعد ما رأيت من دعواه! فقال: استعاره مني. رسالة إلى أم ولده: قال ابن خلف: وأخبرني أبو صالح البصري قال: ولد لرجل ابن في غيبته فكتبت إليه امرأته تبشره بالمولود فكتب إليها: بلغني أنك ولدت ابناً فأحسن الله جزاءك وأعان على مكافأتك وقد سميته محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. ابني لم يختتن من قبل: قال: وأخبرني بعض أهل الأدب قال: أراد رجل أن يختن ابنه فقال للحجام: ارفق به فإنها ما اختتن قط. تخشى توديع زوجها الميت: قال عثمان بن عمر: نزل الموت بزوج امرأة فقيل لها: لو دخلت على زوجك وودعتيه قالت: أخاف أن يعرفني ملك الموت. قدم الوكيل غداً: كان لإبراهيم وكيل يقال له: خليل فقدم من ضيعته فقال له: متى قدمت! قال: غداً يا سيدي قال: فأنت إذن في الطريق. لماذا أسرع إليه الشيب: قال: سمعت أبا بكر بن محمد يقول: قلت لأبي العبر: لقد أسرع إليك الشيب قال: وكيف لا يسرع إلي الشيب وأنا أبكر كل يوم إلى من لو كان أمره إلي أن يسرح مع النعاج ويلقط مع الدجاج هذا ابن حمدان يملك ألف ألف درهم قصدته يوماً فبينا أنا عنده عطس فقلت له: يرحمك الله فقال لي: يعرفك الله. يعود دوماً إلى دار باعها: قال الحاكم: سمعت أبا الحسن بن عمر يقول: بعت داراً لي فكنت كلما أذنت بباب المسجد أنسى أنني بعتها فأصلي وأرجع إليها وأفتح الباب وأدخل. فيصحن بي النساء: يا رجل اتق الله فينا فأقول: اعذرنني فإنني ولدت في هذه الدار وأنسى كل يوم إلى أن أتى على ذلك مدة. ألف في القابل خير من خمسمائة حاضراً: قال: كان عبدان الأسدي الشاعر أحمق: فيقال: إنه كان يأتي ابن بشر فيقول له: أخمسمائة اليوم أحب إليك أم ألف في القابل! فيقول: ألف في قابل فإذا أتاه قابلاً قال له: ألفٌ أحب إليك أم ألفان في القابل! فلم يزل كذلك حتى مات. الصياد الأحمق: وعن أبي الحسن الدامغاني حاجب معز الدولة قال: كنت في دهليز معز الدولة فصاح صائحك نصيحة. فاستدعيته وقلت: ما نصيحتك! قال: لا أذكرها إلا للأمير فدخلت فعرفته فقال: هاته فأحضرته بين يديه فقال: ما عندك! قال: أنا رجل صياد بناحية المدائن وكنت أصيد فعلقت شبكتي بأسفل جرف فاجتهدت في تخليصها فتعذر ذلك علي حتى نزلت وغصت في الماء فإذا هي معلقة بعروة حديد فحفرت فإذا قمقم مملوء مالاً فرددته مكانه وناديت لأعرف الأمير قال الدمغاني: فانحدرت معه في الوقت إلى المدائن العتيقة وقصدنا الجرف فوجدنا القمقم وقلعناه وسعيت بنفسي في تتبع الموضع فتقدمت إلى الصياد استقصاء الحفر فوجدنا سبعة قماقم أخر مملوءة مالاً فحملنا الجميع إلى معز الدولة فسر به فأمر للصياد بعشرة آلاف درهم فامتنع من قبولها وقال: الذي أريده غيرها قال: ما هو! قال: تجعل لي صيد تلك الناحية وتمنع كل أحد غير من الصيد فضحك الأمير وعجب من جهله وحمقه: وأمر له بما سأل. هربوا من رمضان: عن المدائني عن عمرو بن الحسن قال: خرج أهل بيت من اليمن من منازلهم حتى صاروا إلى شعب من الجبل فاختفوا فيه وقالوا: نهرب من شهر رمضان لا يدخل علينا. الطالقاني فقيه مغفل: قال أبو علي الداراني: كان الطالقاني من أصحاب أبي حنيفة وكان شديد الغفلة فقال يوماً لابن عقيل: كيف مذهبكم في المرأة هل يجوز أن يزوجها ابنها! قال له ابن عقيل: في ذلك تفصيل إن كانت بكراً جاز وإن كانت ثيباً لا يجوز فقال: ما سمعت هذا التفصيل قط. قال: وكان الطالقاني يسأل فيقال له: ما تقول في فأرة ميتة مشت على شيء هل ينجس! إذا طار لجام فلا تردوه: حدثني بعض أصدقائنا قال: كان بواسط رجل من المعدلين إلى جانب داره اصطبل فقال له أهله: إنا نغسل الثياب في السطح فيطير بعضها إلى الإصطبل فلا يردونه علينا فقال: وأنتم إذا طار لهم شيء فلا تردوه قالوا: أي شيء يطير من أرض الإسطبل إلى سطحنا! قال: أي شيء طار مثل لجام ومقود وفرس وغيره. لماذا لم ترجع الدجاجة من بغداد: قيل: إن رجلاً من السندية وهي على ستة فراسخ من بغداد جاز بدجاج ليبيعه قريباً من دجلة ببغداد فأفلتت دجاجة فطلبها فلم تقع بيده فقال لها: اذهبي إلى القرية حتى أبيع الباقي ثم جاء وباع البواقي ورجع إلى القرية وجعل يتفقد الدجاجة فلم يرها فقال لزوجته: أين الدجاجة الرقطاء! فقالت: لا أدري فقال: تركتها من بغداد لترجع إليكم فما جاءت حمام النساء مؤنث: قال ابن ناصر: كتب بعض الأدباء الحمام التي فقيل له: إن الحمام مذكر قال: هو حمام النساء. قال: دعي بعض المغفلين إلى دعوة فاشتغل الناس بالأكل وجعل هو ينظر إلى الستور المغلقة وكانت الحيطان كلها قد سترت فقيل له: ما لك لا تأكل فقال: والله لقد طال تعجبي من هذه الستور الطوال كيف دخلت من هذا الباب القصير! إذا جاء عاشوراء في رمضان: عن إبراهيم بن دينار قال: كان رجل يقول إنه فقيه يكنى أبا الغوث وفيه تغفيل فقيل له: ما تقول فيمن نذر صور عاشوراء فاتفق عاشوراء في رمضان هل يجزئه عنها! قال الخرقي: فقد نص على أنه يجزئه. وقف امرأته: فقلت: ما تقول فيمن طلق امرأته ثم وقفها هل يفتقر في هذا الوقف إلى حكم حاكم قال: أما مذهب أبي حنيفة فيفتقر إلى حكم حاكم وأما مذهبنا مذهب الشافعي فيصح الوقف. إذا مات مريضكم أعلمونا: دخل بعض المغفلين على مريض يعوده فلما خرج التفت إلى أهله وقال: لا تفعلوا بنا كم فعلتم في فلان مات وما أعلمتمونا إذا مات هذا فأعلمونا حتى نصلي عليه. عن الصقلاطي: أن رجلاً كان عندهم بالجانب الغربي له غلام فبعثه إلى قرية ليأتيه منها بغنم فبعثوا معه من الحملان عشرة وكتبوا معه بعددها رقعة فجاء الغلام بتسعة فقال له سيده: كم سلموا إليك قال: عشرة قال: هذه تسعة. قال: عدها فجعل يعدها يقول واحد اثنين ثلاثة إلى أن قال تسعة فقال الغلام: والله ما أدري ما تقول وما هي إلا عشرة فقال: ويحك إني أعدها قال: ما هي إلا عشرة وإلا فتدخل إلى عشرة من الرجال وتمسك كل واحد حملاً قال: افعل فأدخلوا عشرة ومسك كل رجل حملاً وبقي واحد فقال له السيد: هذا ما معه شيء فقال: هذا مدير كان يدخل ويأخذ في الأول. الماصفر إلى عكبرى: حكي أن رجلاً أراد السفر إلى عكبرى فصادف زورقاً مصعداً فاكترى فيه بدرهم فلما ساروا قليلاً قالوا: ليت لنا مداداً نكتريه فقال: أنا فأعطوه الدرهم وقام بمدهم. عجوز عزت في الميت والعليل: قال: دخلت عجوز على قوم تعزيهم بميت فرأت في الدار عليلاً فرجعت وقالت: أنا والله يشق علي المشي وأحسن الله عزاءكم في هذا العليل أيضاً. قال البزار: دخلنا إلى أبي حامد وهو عليل فقلنا: كيف تجدك فقال: أنا بخير لولا هذا الجار دخل علي أمس وقد اشتدت بي العلة فقال: يا أبا حامد علمت أن ذنجويه مات! فقلت: رحمه الله. قال: دخلت على المؤمل بن الحسن اليوم وهو في النزع فقال: يا أبا حامد ابن كم أنت! قلت: في السادسة والثمانين قال: أنت إذن أكبر من أبيك يوم مات. لا يدري من طلق الرجل أم المرأة: عن أبي الفضل أحمد الهمذاني قال: جاءت امرأة إلى القاضي وذكرت أن زوجها طلقها فقال القاضي: لك بينة! فقال: نعم: جار لنا قال: فأحضرته فقال القاضي: أسمعت طلاق هذه المرأة! فقال: يا سيدي خرجت إلى السوق فاشتريت لحماً وخبزاً ودبساً زعفراناً فقال له القاضي: ما سألتك عن هذا هل سمعت طلاق هذه المرأة قال: ثم تركته في البيت وعدت فاشتريت حطباً وخلاً فقال: دع هذا عنك فقال: ما أحسن الحديث من أوله ثم قال: جلت في الدار جولة فسمعت زعقاتهم وسمعت الطلاق الثلاث فما أدري أهي طلقته أم هو طلقها. جاهل قتل نفسه: قال: حدثني جماعة من أهل سابور فيهم كتاب وتجار وغير ذلك أنه كان عندهم في سنة نيف وأربعين وثلاثمائة شاب من كتاب البلد وهو ابن أبي الطيب القلانسي الكاتب فخرج إلى بعض شأنه من الرستاق فأخذه الأكراد وعذبوه فطلبوا منه أن يشتري نفسه منهم فلم يفعل فكتب إلى أهله: اهدوا لي أربعة دراهم أفيون واعلموا أنه هو دواء أشربه فيلحقني سكتة فلا يشك الأكراد أني ميت فيحملوني إليكم فإذا جعلت عندكم فأدخلوني الحمام واضربوني ليحمى بدني وشكوني بالإبار فإني أفيق وكان الفتى متخلفاً وقد سمع أنه من شرب الأفيون اسكت فإذا دخل الحمام وضرب كما ذكر برأ ولم يدر مقدار شربه من ذلك فشرب أربعة دراهم فلم يشك الأكراد في موته فلفوه وأنفذوه إلى أهله فلما حصل عندهم أدخلوه الحمام ضربوه وشكوه فما تحرك وأقام في الحمام أياماً فرآه الأطباء فقالوا: هذا قد تلف كم شرب من الأفيون! قالوا: أربعة دراهم فقالوا: هذا لو شوي في جهنم ما عاش إنما يجوز أن يفعل هذا بمن شرب أربعة دوانيق أو وزن درهم فأما هذا فقد مات. فلم يقبل أهلوه وتركوه في الحمام حتى تغير فدفنوه وانعكست حيلته على نفسه. وليس لداء الركبتين طبيب: ذكر أبو الحسين بن برهان: عاد رجلاً مريضاً فقال له: ما علتك! قال: وجع الركبتين فقال: والله لقد قال جرير بيتاً ذهب مني صدره وبقي عجزه وهو قوله: وليس لداء الركبتين طبيب فقال المريض: لا بشرك الله بالخير ليتك ذكرت صدره ونسيت عجزه. غفلة عائد مريض: دخلت مرة على بعض أصدقائي وفيهم مريض العين ومعي بعض المغفلين فقال له المغفل كيف عينك! قال: تؤلمني فقال: والله إن فلاناً آلمته عينه أياماً ثم ذهبت. فاستحييت واستعجلت الخروج. توبة الجاهل: عن علي بن المحسن عن أبيه قال: بلغنا أن رجلاً أسرع في ماله فبقي منه خمسة آلاف دينار فقال: أشتهي أن يفنى بسرعة حتى أنظر إيش أعمل بعده فقال له بعض أصحابه: تبتاع زجاجاً بمائة دينار وتبقيه وتنفق خمسمائة دينار في أجور المغنيات في يوم واحد مع الفاكهة والطعام فإذا قارب الشراب أن يفنى أطلقت فأرتين بين الزجاج وأطلقت خلفهما سنوراً فيتعادون في الزجاج فيتكسر وننهب نحن الباقي فقال: هذا جيد فعمل ذلك وجعل يشرب فحين سكر أطلق الفأرتين والسنور وتكسر الزجاج وهو يضحك فقام الرفقاء وجمعوا الزجاج المكسر وباعوه قال الذي أشار عليه: فمضيت إليه بعد فإذا هو قد باع قماش بيته وأنفقه ونقض داره وباع سقوفها حتى لم يبق إلا الدهليز وهو نائم فيه على قطن متغط بقطن فقلت: ما هذا! قال: ما تراه فقلت: بقيت في نفسك حسرة! قال: نعم أريد أرى المغنية فأعطيته ثياباً فلبسها فرحنا إليها فدخل عليها فأكرمته وسألته عن خبره فحدثها بالحال فقالت: قم لئلا تجيء ستي وليس معك شيء فتحرد علي لم أدخلتك فاخرج حتى أكلمك من فوق فخرج وجلس ينتظر أن تخاطبه من الطاقة فسكبت عليه مرقة سكباج فصيرته فضيحة فبكى وقال: يا فلان لا تبلغ من أمري هذا أشهد الله وأشهد أني تائب قلت: إيش تنفعك التوبة الآن ورددته وأخذت ثيابي وبقيت ثلاث سنين لا أعرف له خبراً فبينا أنا في باب الطاق يوماً إذ رأيت غلاماً خلف راكب فلما رآني قال: فلان. فعلمت أنه صاحبي وأن حاله قد صلحت فقبلت فخذه فقال: قد صنع الله وله الحمد البيت فتبعته فإذا بالدار الأولى قد رمها وجعل فيها أسباباً وأدخلني حجرة أعدها له وفيها فرش حسان وأربعة غلمان وجاء بفاكهة متوسطة وطعام نظيف إلا أنه قليل فأكلنا ومد ستارة فإذا بغناء طيب فلما طابت نفسه قال: يا فلان تذكر أيامنا الأولى! قلت: نعم قال: أنا الآن في نعمة متوسطة وما وهب لي من العقل والعلم بأبناء الزمان أحب إلي من تلك النعمة تذكر يوم عاملتني المغنية بما عاملتني به فقلت: من أين لك هذا المال! قال: مات خادم لأبي وابن عم لي بمصر في يوم واحد فخلفا لي ثلاثين ألف دينار فحملت ووصلت إلي وأنا بين القطن كما رأيت فعمرت الدار واشتريت ما فيها بخمسة آلاف دينار وجعلت خمسة آلاف تحت الأرض للحوادث واشتريت عقاراً بعشرة آلاف وأمري يمشي وأنا في طلبك منذ سنة لترى رجوع حالي ومن دوام صلاح حالي أن لا أعاشرك أخرجوه يا غلمان قال: فجروا برجلي وأخرجوني وكنت ألقاه بعد في الطريق فإذا رآني ضحك. أعني أيها الأمير على بناء داري: دخل ربيعة بن عقيل اليربوعي على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين أعني على بناء داري فقال: أين دارك قال: بالبصرة وهي أكثر من فرسخين في فرسخين فقال له: فدارك في البصرة أم البصرة في دارك! من كل شيء يتحفظ الأحمق إلا من نفسه: قال ابن سلام: وهب المهدي لبعض ولد يعقوب بن داود وزيره جارية فلما كان بعد أيام سأله فقال: يا أمير المؤمنين ما وضعت بيني وبين الأرض مطية أوطأ منها حاشا السامع فالتفت المهدي إلى يعقوب فقال له: من ترى يعني أنا أو أنت! فقال يعقوب: من كل يتحفظ الأحمق إلا من نفسه. لا يعرف ما يجهل الخليفة: دخل رجل على المهدي فأنشده شعراً فقال فيه: وجوار زفرات فقال المهدي: أي شيء زفرات قال: وما تعرفها يا أمير المؤمنين قال: لا والله قال: فأنت أمير المؤمنين وسيد المرسلين ما تعرفها أعرفها أنا كلا والله. الخطيب الأحمق: ذكر عن عبد الله بن ظبيان أنه خطب فقال الناس: أكثر الله فينا مثلك قال: لقد كلفتم ربكم شططا. المتوفي والمتوفى: حكى إسحاق بن إبراهيم قال: حضرت جنازة لبعض القبط فقال رجل منهم: من المتوفي! فقلت: الله فضربت حتى كدت أموت. دخل أبو تمام على أبي طالب في صبيحة ليلة باردة فقال له: البارحة نالني البرد وكان عندي لحاف فيه أربعة أمنان قطن فطويته طاقين فصار ثمانية أمنان قطن وتغطيت به. البئر من جهتنا لم تنجس: قال أبو سيار: كان بيني وبين جار لي بئر فوقعت فيه فأرة فبقيت متحيراً لأجل الوضوء فقال لي جاري: لا تضيق صدرك تعال استق من عندنا وتوضأ. ابن لم يمت ولكن يستحق النواح: ضاع لرجل ولد فجاؤوا بالنوائح ولطموا عليه وبقوا على ذلك أياماً فصعد أبوه يوماً الغرفة فرآه جالساً في زاوية من زواياها فقال: يا بني أنت بالحياة أما ترى ما نحن فيه! قال: قد علمت ولكن ها هنا بيض قد قعدت مثل القرقة عليه ما يمكنني أن أبرح أريد فريخات أنا أحبهم. فاطلع أبوه إلى أهله فقال: قد وجدت ابني حباً ولكن لا تقطعوا اللطم عليه ألطموا كما كنتم. الأب والإبن مغفلان: كان بعض المغفلين يأكل مع ابنه رأساً وكان أبوه أكثر تغفلاً منه فقال: يا أبت إن خرج عليك الكعب فأعطني إياه لألعب به فقال أبوه: سخنت عينك هو سمك مشوي حتى يكون فيه كعب! أب يؤدب ابنه: قال بعضهم: دخلت الكوفة فرأيت صبياً قائماً عند شق حائط ومعه خبز وهو يكسر اللقمة ويتركها في شق الحائط ويأكلها فبينما أنا أنظر إليه إذ أقبل أبوه فرأى ما يفعل فقال: إيش تصنع! قال: يا أبت هؤلاء قد طبخوا سكباجة ويأتي النسيم بريحها فآكل خبزي فلطمه أبوه وقال: تتعود من صغرك أن لا تأكل خبزاً إلا بأدام. كيف يعبر الحمقى عن مرادهم: رأى بعض المغفلين صديقاً له فقال. طلبتك اليوم عشرين مرة وهذه الثالثة. ورأى صديقاً له فقال له: أطلبك فإذا وجدتك تنسل مني كأنك دبق أنا أمص الثلج وأرمي تفله: مرض بعض المغفلين فدخل عليه طبيب فسأله عن حاله فقال: قد اشتهيت الثج فقال: الثلج يزيد في رطوبتك فينقص من قوتك فقال: أنا أمصه وأرمي تفله. وقف شيخ بباب مسجد والمؤذن يقيم الصلاة فدخل فرأى المؤذن هيبته وشيبته فسأله أن يصلي بهم فامتنع فتقدم المؤذن وصلى بهم فلما فرغ أقبل على الشيخ فقال له: ما منعك أن تصلي بنا فتكسب أجراً فقال: أنا وحقك إذا كنت على غير طهارة لم أصل إماماً. محبة غريبة: حكى عبد الله النوفلي قال: قال مدني: إني أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً لم يحبه أحد قط قيل: وما بلغ من حبك له قال: وددت أن عمه أبا طالب أسلم ويسر النبي بذلك وأموت كافراً بدله. نيته حسنة ولفظه خطأ: قال: ذهب بصر عمرو بن هذاب فدخل عليه إبراهيم بن مجاشع فقام بين يديه فقال: يا أبا أسيد لا تجزعن من ذهاب عينيك وإن كانتا كريمتان عليك فإنك لو رأيت ثوابهما في ميزانك تمنيت أن يكون الله قد قطع يديك ورجليك ودق ظهرك وأدمى ظلفك قال: فصاح به القوم وضحك بعضهم فقال عمرو: معناه صحيح ونيته حسنة وإن كان قد أخطأ في اللفظ. عائلة مغفلة: جاء بعض المغفلين إلى أمه فقال لها: معي قيراطان إلا حبة فاحفظيهما لي ثم عاد فأخذها فوزنها فقالوا له نصف دانق فجاء وخاصم أمه فدخل أبوه فقال: لم تخاصمها فقال: أعطيتها قيراطين إلا حبة فردت علي نصف دانق فقال أبوه: ما تستحي من الله تخاصم أمك على نقصان حبتين. ذكرني وجع ضرسي: قال أحمق لغلامه: إذا مررنا بالطبيب فذكرني وجع ضرسي حتى أسأله عن الدواء فقال: يا مولاي إن كان ضرسك يوجعك فسوف تذكره. أحمق يزور مريضاً: كان بعض الحمقى إذا غضب يقول: الله المستعين. دخل أحمق على مريض فقال: إذا رأيتم المريض على هذه الحال فاغسلوا أيديكم منه. دعاء الأحمق: دعا بعض الحمقى لبعض الولاة فقال: كتب الله سعادتك وضاعف عليك العدو. قيل لكثير: إن الناس محدثون إنك الدجال فقال: والله لئن قلتم هذا أني لأجد في عيني ضعفاً منذ أيام. هل سمعت شيئاً: وقال: ضرط أبو النجم في ليلة ضرطتين فخاف أن تكون امرأته قد سمعته فقال: أسمعت شيئاً قالت: لا ما سمعت منهما شيئاً فقال: لعنك الله فمن أعلمك أنهم اثنتان ما أحسن العلم: قال بعضهم: رأيت رجلاً محموماً مصدعاً يأكل التمر ويجمع النوى فقلت: ويحك أنت بهذه الحال وتأكل التمر فقال: يا مولاي عندي شاة ترضع وما لها نوى فأنا آكل هذا التمر مع كراهيتي له لأطعمها النوى فقلت: أطعمها التمر والنوى قال: أو يجوز ذلك! قلت: نعم قال: والله لقد فرجت عني لا إله إلا الله ما أحسن العلم. لجام الفرس السابق لي: أجريت خيل فطلع منها فرس سابق فجعل رجل يثب من الفرح ويكبر فقال له رجل إلى جانبه: أهذا الفرس لك قال: لا ولكن اللجام لي. رأى قبيصة بن المهلب جراداً يطير فقال لمن حوله: لا يهولنكم ما ترون فإن علامة ذلك موتي. يأجوج ومأجوج يسألان في القبر: دخل بعض المغفلين على رجل يعزيه بأخ له فقال: أعظم الله أجرك ورحم أخاك وأعانه على ما يرد عليه من مسألة يأجوج ومأجوج فضحك من حضر وقالوا له: ويحك ويأجوج ومأجوج يسائلان الناس فقال: لعن الله إبليس أردت أن أقول هاروت وماروت. ألبسي المتوفاة خفها: ماتت إمرأة فاشترى لها زوجها كفناً قصيراً فقالت له الغاسلة: الكفن قصير فقال: ألبسيها خفها. غفلة مزين: وعظ بعض القصاص فقال: إذا كان يوم القيامة خرج من النار رأس عظيم من صفته كذا وكذا. وفي المجلس رجل يميد من الخوف فقال له: ما الذي بك أتنكر قدرة الله قال: لا بل إني رجل مزين فلو كلفت حلق هذه الرأس كيف كنت أعمل. سمع بعض المغفلين أن صوم يوم عاشوراء يعدل صوم سنة فصام إلى الظهر وأكل وقال: يكفيني ستة أشهر. ركبه الأسد وأحدث في سرواله: اعترض الأسد قافلة فرآه رجل منهم فخر إلى الأرض فركبه الأسد فشد القوم بأجمعهم على الأسد واستنقذوه فقالوا له: ما حالك قال: لا بأس علي ولكن خرى الأسد في سراويلي. تغبير الحمام: دخل بعض المغفلين حماماص وقد بخر فظن غباراً فقال للقيم: كم قلت لك لا تغبر يوم أدخل الحمام. من هو الميت مات لأبي العطوف ابن فقال للحفار: أضجعه على جنبه الأيسر فإنه أهضم للأكل. وحضر رجل مع قوم في جنازة رجل فنظر إلى أخ الميت فقال: هذا الميت أم أخوة. متاع أمير المؤمنين: قال المأمون لمحمد بن العباس: ما حال غلتنا بالأهواز وسعرها قال: أما متاع أمير المؤمنين فقائم على سوقه وأما متاع أم جعفر فمسترخ فقال: أغرب لعنك الله. ينبت الفرو: اشترى لقمان بن محمد فرواً فقال: أرى شعره قصيراً أترى ينبت. عمر البنت: قال أبو العيناء: كنت بحمص فمات لجار لي بنت فقيل له: كم لها قال: ما أدري ولكنها ولدت أيام البراغيث. كانوا اثنين فمات الأوسط: قال الأصمعي: قلت لرجل أين كنت قال: ذهبت في جنازة ابن فلان قلت: فأي ولده كان قال: كانوا اثنين فمات الأوسط. ماذا قال لك في الحلم: قال ثمامة: جاءني رجل فقال: رأيت البارحة أمير المؤمنين يسارك وأنت تنظر إلي فبالله أي عض الكلب انتقاماً: حكي أن بعض المغفلين مسك كلباً وعضه فقال: هذا عضني منذ أيام وأنا أريد أن أخالف قول القائل: السريع: شاتمني عبد بني مسمع فصنت عنه النفس والعرضا ولم أجبه لاحتقاري له ومن يعض الكلب إن عضا حماقات متنوعة: قيل لمغفل: قد سرق حمارك فقال: الحمد الله الذي ما كنت عليه. نظر رجل في الجب فرأى وجهه فعاد إلى أمه فقال: في الجب لص فجاءت الأم فاطلعت فقالت: أي والله ومعه فاجرة. ذكر رجل بين يدي رجل فقال: إنه رجل سوء قيل له: من أين علمت قال: أفسد بعض أهلي قيل: ومن أفسد قال: أمي صانها الله. سئل بعضهم عن مولده فقال: ولدت رأس الهلال للنصف من رمضان بعد العيد بثلاثة أيام احسبوا الآن كيف شئتم. كتب بعضهم إلى أبيه: كتابي إليك يوم الجمعة عشية الأربعاء لأربعين ليلة خلت من جمادى الأوسط وأعلمك أني مرضت مرضة لو كان غيري كان قد مات. فقال أبوه: أمك طالق ثلاثاً لو مت لما كلمتك أبداً. أعطني يا رب واختبرني: دعا بعض المغفلين فقال: اللهم ارزقني خمسة آلاف درهم حتى أتصدق منها بألفي درهم وإن لم تصدقني فادفع إلي ثلاثة آلاف درهم واحبس الباقي فإن تصدقت وإلا فتصدق بها على من شئت. يحمل الصبي ويسأل عنه: خرج بعض المغفلين من منزله ومعه صبي عليه قميص أحمر فحمله على عاتقه ثم نسيه فجعل يقول لكل من رآه: رأيت صبياً عليه قميص أحمر فقال له إنسان: لعله الذي على عاتقك فرفع رأسه ولطم الصبي وقال: يا خبيث ألم أقل لك إذا كنت معي لا تفارقني. كيف بنيت مئذنة الجامع: نظر بعض المغفلين إلى منارة الجامع فقال: ما كان أطول هؤلاء الذين عمروا هذه! فقال آخر: لم صار حماراً: قال: ورأيت رجلاً طويل اللحية على حمار يضربه فقلت: ارفق به فقال: إذا لم يقدر يمشي فلم صار حماراً! مفاخرة مصري ويمني: تفاخر مصري ويمني فقال المصري: هلكت والله اليمن إذ لم يكن منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدخل الجنة أهلها فقال اليمني: فابن المهلب وأولاده يحاربون عليها حتى يدخلوها بالسيف. دعاء مغفل: كان بعض المغفلين يقول: اللهم اغفر لي من ذنوبي ما تعلم وما لا تعلم. قدوم الأحمق وسفره: قدم رجل من الحمقى فسأل رجل متى قدمت! قال: غداً قال: لو قدمت اليوم سألتك عن إنسان فمتى تخرج قال: أمس قال: لو أدركتك كتبت معك كتاباً. كان لبعض الأدباء ابن أحمق وكان مع ذلك كثير الكلام فقال له أبوه ذات يوم: يا بني لو اختصرت كلامك إذ كنت لست تأتي بالصواب! قال: نعم فأتاه يوماً فقال: من أين أقبلت يا بني قال: من سوق. قال: لا تختصر ها هنا زد الألف واللام قال: من سوقال قال: قدم الألف واللام قال: من ألف لام سوق قال: وما عليك لو قلت: السوق فوالله ما أردت في اختصارك إلا تطويلاً. وقال هذا الولد يوماً لأبيه: يا أبت اقطع لي جباعة قال: وما جباعة في الثياب قال: ألست قلت لي اختصر كلامك يعني جبة ودراعة. عزم على بيع نصف داره ليشتري النصف الآخر: اشترى بعض المغفلين نصف دار فقال يوماً: قد عزمت على بيع نصف الدار الذي لي واشترى بثمنه النصف الآخر حتى تصير الدار كلها لي. رسالة تعزية من مغفل: كتب بعض المغفين إلى رجل يعزيه بابنته: بلغني مصيبتك وما هي بمصيبة وقد جاء بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من توفيت له بنت كان له من الأجر ذهب والله عني ومن توفيت له اثنتان كان له من الأجر مثل الذي ذهب عني مرتين وبعد فقد ماتت عائشة بنت مغفل يعلم الأدب: كان محمد بن أبي سعيد سليم الجانب وقد سمع من أبي الحسين الطيوري يسأل بعض من يعرف الأدب أن يعلمه شيئاً من العربية فقال: إذا دخلت على أحد فقل أنعم الله صباحك فربما كان يدخل على أحد آخر النهار فيقول: أنعم الله صباحك فيضحك. نجم آدم ونجم إدريس: حكى أقضى القضاة الماوردي قال: كنت جالساً في مجلس مقبلاً على تدريس أصحابي فدخل علينا شيخ قد ناهز الثمانين أو جاوزها فقال لي: قد قصدتك في مسألة اخترتك لها فقلت: وما هي! وظننته يسأل عن حادثة حدثت له فقال: أيها الشيخ أخبرني عن نجم إبليس ونجم آدم ما هما فإن هذين لا يسأل عنهما لعظم شأنهما إلا علماء الدين قال: فعجبت منه وعجب من في المجلس من سؤاله وبدر جماعة بالإنكار عليه والإستخفاف به فكففتهم عنه وقلت: هذا لا يقنع مما ظهر من حاله إلا بجواب مثله فأقبلت عليه وقلت: يا هذا إن نجوم الناس لا تعرف إلا بمعرفة موالدهم فإن ظفرت بمن يعرف ذلك فاسأله فقال: جزاك الله خيراً. وانصرف مسروراًن فلما كان بعد أيام عاد وقال: ما وجدت إلى وقتي هذا من يعرف مولد جارية واحدة للأخوين: قيل للفضل بن عبد الله: ما لك لا تتزوج قال: إني دفع لي أبي جارية ولأخي فقيل: ويحك دفع إليك وإلى أخيك جارية واحدة قال: وايش تتعجب من هذا هوذا جارنا فلان له جاريتان. تلطم لموت طفل لم يولد: قال أبو العنبس: اجتزت في بعض الطريق لحاجة فإذا امرأة عرضت لي فقالت: هل لك أن أزوجك جارية فيجيئك منها ابن قلت: نعم قالت: وتدخله الكتاب فينصرف فيلعب فيصعد إلى السطح فيقع فيموت وصرخت ويلاه ولطمت ففزعت وقلت: هذه مجنونة. وهربت من بين يديها فرأيت شيخاً على باب فقال: ما لك يا حبيبي فقصصت عليه القصة فلما انتهيت إلى موضع لطمها استعظم ذلك وقال: لابد للنساء من البكاء إذا مات لهن ميت فإذا هو أحمق منها وأجهل. لم تتسخ ثيابه بعد: قال رجل آخر: رأيت البارحة أباك في المنام وثيابه وسخة فقال: قد كفنته أمس في أربعة وقيل لبعض أهل الموصل: كم بينكم وبين موضع كذا قال: ثلاثة أميال ذاهب وميلين جاي. قصر الليل والنهار معاً: قال ثمامة لحاجبه: عجل الفراغ مما أمرتك به فقد قصر النهار. فقال: أي والله يا سيدي والليل أيضاً قد قصر. لا أدعو لأبي: دعا بعض المغفلين فقال: اللهم اغفر لأمي وأختي وامرأتي فقيل له: لم تركت ذكر أبيك قال: لأنه مات وأنا صبي لم أدركه. لست من هذا البلد: قال عبد الله بن محمد: قلت لرجل مرة: كم في هذا الشهر من يوم فنظر إلي وقال: لست أنا والله من هذا البلد. قال أبو العباس: سألت رجلاً طويل اللحية فقلت: إيش اليوم فقال: والله ما أدري فإني لست من هذا البلد أنا من دير العاقول. انكسرت خشبة في سقف بعضهم فمضى يشتري عوضها فقيل: كم تريد طولها فقال: سبعة في ثمانية. اسم غلام: قال بعضهم: ولد لي غلام الليلة فسميته باسم خالته. تعزية في غلام: أصيب بعضهم بمصيبة فقيل له: عظم الله أجرك فقال: سمع الله لمن حمده. لماذا يبكي الشيخ: قال الجاحظ: دخلت الكوفة فبينا أطوف أنا في طرقاتها رأيت شيخاً ذا هيبة جالساً على باب داره ومن جانب الدار صياح فقلت له: يا عم ما هذا الصياح فقال: هذا رجل افتصد فبلغ موضع شاذروانه فمات يريد شريانه. قال الحجاج بن هرون لصديق يحبه: أنا والله لك مائق يريد وامق. شهادة المغفل: شهد رجل عند والٍ فقال: سمعت بأذني وأشار إلى عينه ورأيت بعيني وأشار إلى أذنيه بأنه جاء إلي رجل فتلبب بعنقه وأشار إلى صدره وما زال يضرب خاصرته وأشار إلى فكه فقال له الوالي: أحسبك قد قرأت كتاب خلق الإنسان قال: نعم قرأته على الأصمعي. القاضي الممتحن: دخل بعض المغفلين إلى بعض القضاة فجلس بين يديه فقال: أعدمني الله القاضي مات فلان والذي ما خلفوا بعدي سواهم وهوذا يظلموني إخوتي نسيباتي تسعة وهم واحد وكل يوم يجعلون عمامتي في عنق القاضي يجرونه إلي فقال القاضي: ليس الممتحن غيري. رجل جدير بأن يحسد: وقال أبو العنبس: صحبني رجل في سفينة فقلت له: ممن الرجل فقال: من أولاد الشام ممن كان جدي من أصدقاء المنصور علي بن أبي سالم شاعر الأنبار وكان من الذين بايعوا تحت الشجرة مع أبي سالم بن يسار في وقعة الفاروق أيام قتل الحجاج بن يونس بالنهروان على شاطىء الفرات مع أبي السرايا قال أبو العنبس: فلم أدر على أي شيء أحسده على معرفته بالأنساب أم على بصره بأيام الناس أم حفظه للسير. لو كنت أنا أنا: قال الحسن بن يسار: قلت لبعضهم: إن فلاناً ليس يعدك شيئاً فقال: والله لو كنت أنا أنا وأنا ابن من أنا منه لكنت أنا أنا وأنا ابن من أنا منه فكيف وأنا أنا وأنا ابن من أنا منه. شدة الموت في نظر الأحمق: سمع بعض الحمقى قوماً يتذاكرون الموت وأهواله فقال: لو لم يكن في الموت إلا أنك لا تقدر أن تتنفس لكفى. يا سيدي أنا ناقة: قال ثمامة لخادمه: اذهب إلى السوق واحمل كذا وكذا فقال: يا سيدي أنا ناقة وليس في ركبتي دماغ فقال ثمامة: ولا في رأسك. ورئي أعمى يمشي في الطريق ويقول: يا منشىء السحاب بلا مثال. العلامة الفارقة لخصمه: دخل رجل على المعتضد فقال: يا أمير المؤمنين إن فلاناً العامل ظلمني قال: ومن فلان قال: والله لا أدري اسمه ولكن في خده الأيمن خال أو ثؤلول أو أثر لطمة أو أثر حرق نار أو أثر مسمار أو في خده الأيسر. وكان له مرة غلام يقال له: جرير أو نجم إلا أن في اسمه طاء أو لام فضحك المعتضد وقال: كأنه موسوس قال: سلني عما شئت حتى أجيبك قال: كم أصبع لك قال: ثلاثة أرجل فأمر بإخراجه فقال: ما أقول لبنتي إذا دخلت وقد فتحت حجرها لأطرح فيه الجوز يوم العيد فأمر المعتضد أن يحمل معه إلى منزله طعام وجائزة. دخل بعضهم إلى المستراح فأراد أن يحل لباسه فحل أزراره وخرى في لباسه. فائدة الأذنين: حكي أن جماعة من أهل حمص تذاكروا في حديث الأعضاء ومنافعها فقالوا: الأذن للشم والفم للأكل واللسان للكلام فما فائدة الأذنين! فلم يتوجه لهم في ذلك شيء فأجمعوا على قصد بعض القضاة ليسألوه فمضوا فوجدوه في شغل فجلسوا على باب داره وإذا هناك خياط فتل خيوطاً ووضعها على أذنه فقالوا: قد أتانا الله بما جئنا نسأل القاضي عنه وإنما خلقت للخيوط. وانصرفوا مسرورين مما استفادوه. العنز يتيم في حجرها: قال الجاحظ: مررت بحمص فمر عنز يتبعه جمل فقال رجل لرجل معه: هذا الجمل من هذا العنز فقال له: لا ولكنه يتيم في حجرها. لماذا نفر الفرس: عرض هشام بن عبد الملك الجند فأتاه رجل حمصي بفرس كلما قدمه نفر فقال هشام: ما هذا قال الحمصي: يا سيدي هو جيد لكنه شبهك ببيطار كان يعالجه فنفر. وفد أهل حمص إلى الرشيد: اجتاز أهل حمص بشيخ لهم لم يكن فيهم أعقل منه ولا أكمل مع ابنين له معروفين عندهم بالعقل والكمال فأوفدهم إلى الرشيد لمظلمة كانت بهم فلما وردوا الباب وأذن لهم دخل الشيخ فقال: السلام عليك يا أبا موسى فعلم أنه أحمق وأمره بالجلوس ثم قال: أحسبك قد طلبت العلم وجالست العلماء قال: نعم يا أبا موسى قال: من جالست من العلماء قال: أبي قال: وما كان يقول في عذاب القبر قال: كان يكرهه فضحك الرشيد ومن حضر ثم قال: يا شيخ من حفر البحار فيما سمعت فسكت الشيخ فقال أحد ولديه: قد حفرها موسى حين طرق له قال: فأين طينها فقال الولد الثاني: الجبال ففرح الشيخ بحسن جواب ولديه وفد على الرشيد ثلاثة من حمص فدخل أحدهم فرأى غلاماً على رأسه فظنه جارية فقال: السلام عليك يا أبا الجارية فصفع وأخرج فدخل الثاني فقال: السلام عليك يا أبا الغلام فصفع وأخرج فدخل الثالث فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال له: كيف صحبت هذين الأحمقين قال: يا أمير المؤمنين لا تتعجب منهم فإنهم لما رأوك بهذا الزي ورأوا لحيتك طويلة قدروا أنك أبو فلان فقال الرشيد: أخرجوه قبح الله بلدة هؤلاء خيارهم. ما أحسن ما تروي: قال بعضهم: رأيت رجلاً ألحى قائماً في حلقة قاص يقص مقتل عثمان بن عفان فلما فرغ قال الألحى: أعيذك بالله ما أحسن ما تروي كلام منصور بن عمار. المنجد المغفل: قال الجاحظ: مررت بمنجد في قنطرة بردان طويل اللحية وامرأة تطالبه بشيء لها عنده وهو يقول: رحمك الله متاعك جاءني يحتاج إلى حشو كثير وأنت من العجلة تمشين على أربع. أنا أعرف الناس به: قال أبو حاتم: سأل رجل أبا عبيدة عن اسم رجل فقال: ما أعرف اسمه. فقال له بعض لحية الشيخ: خرج عبادة ذات يوم يريد السوق فنظر في بعض طرقه إلى شيخ طويل اللحية كلما أراد أن يتكلم بادرته لحيته فمرة يدسها في جيبه ومرة يجعلها تحت ركبته فقال له عبادة: يا شيخ لم تترك لحيتك هكذا قال: فتريد أن أنتفها حتى تكون مثل لحيتك! قال عبادة: فإن الله يقول: " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " قال صلى الله عليه وسلم: احفوا الشارب واعفوا اللحى ومعنى عفو اللحى أن يزال أثرها فقال الشيخ: صدق الله ورسوله سأجعلها كما أمر الله ورسوله فحلق لحيته وجلس في دكانه فكان كل من رآه وسأله عن خبره قرأ عليه الآية وروى له الحديث. أنا علة: قيل لمريض: كيف نجدك! فقال: أنا علة قيل: وما معنى علة قال: أليس يقال للصحيح ليس به علة قالوا: نعم قال: أنا كما قال أنا علة. أمي لا ترثني لأنها مطلقة: قيل لرجل: عندك مال وليس لك إلا والدة عجوز أن مت ورثت مالك وأفسدته فقال: إنها خطبة الزواج: قال أبو الأسود لابنه: يا بني إن ابن عمك يريد أن يتزوج ويجب أن تكون أنت الخاطب فتحفظ خطبة فبقي الغلام يومين وليلتين يدرس خطبة فلما كان في اليوم الثالث قال أبوه: ما فعلت قال: قد حفظتها. قال: وما هي قال: اسمع الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوكل عليه ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح فقال له أبوه: أمسك لا تقم الصلاة فإني على غير وضوء. تعلم الولد الحساب: أسلم رجل ولده إلى الكتاب فلما كان بعد حين قال له والده: تعلمت شيئاً من الحساب قال: نعم قال: فخذ خمسين وخمسين كم تعد قال: أربعين قال: يا مشؤوم ثلاث خمسينات ما يحصل معك منها خمسين ثم حبسه عن الكتاب وقال: لا أفلحت. العائد المغفل: مرض صديق لحامد بن العباس فأراد أن ينفذ ابنه إليه ليعوده فأوصاه وقال: يا بني إذا دخلت فاجلس في أرفع المواضع وقل للمريض: ما تشكو فإذا قال: كذا وكذا فقل له: سليم إن شاء الله وقل: من يجيئك من الأطباء فإذا قال: فلان فقل: ميمون وقل: ما غداؤك فإذا قال: كذا وكذا فقل: طعام محمود. فذهب. فدخل على العليل وكان بين يده منارة فجلس عليها لارتفاعها فوقعت على صدر العليل فأوجعته ثم قال للمريض: ما تشكو فقال: أشكو علة الموت فقال: سليم إن شاء الله فمن يجيئك من الأطباء قال: ملك الموت قال: مبارك ميمون فما غداؤك قال: سم الموت قال: طعام طيب محمود. تقدم رجل إلى معلم ابنه فسأله أن لا يعلمه سوى النحو والفقه فعلمه مسألتين من النوعين: ضرب زيد عمراً ارتفع زيد بفعله وانتصب عمرو بوقوع الفعل عليه والأخرى من الفقه رجل مات وخلف أبويه فلأمه الثلث ولأبيه الباقي فقال له: أفهمت قال: نعم فلما انصرف إلى البيت قال له أبوه: ما تقول في ضرب عبد الله زيداً قال: أقول: ارتفع بفعله وما بقي للأب. صندوق التاجر: كان لبعض التجار المياسير ابن أبله فقضي أن صار الأب إلى حانوته يوماً فوجد اللصوص قد أخذوا صندوقاً له كان فيه صامت كثير وأسباب جميلة فجلس الرجل والناس يعزونه ويدعون له بالخلف فبينما هم كذلك إذ أقبل ابنه فلما قرب من حانوت أبيه ورأى الناس سأل عن الخبر فقالوا: دخل اللصوص حانوت أبيك وأخذوا الصندوق الذي كان فيه ما كان فضحك وقهقه وقال: لابأس ما فاتنا شيء فظن الناس أنه خبأه أو يعرف خبره فأسرعوا إلى أبيه فبشروه بأن ابنه قال كذا فقال له أبوه: ما الخبر وأي شيء عندك في هذا الأمر قال: مفتاح الصندوق عندي فلا يقدرون أن يفتحوه فقال أبوه: عجبت والله أن يكون عندك فرح. هاشمي أم علوي: قال بعضهم: دخلت على نصر الرصيفي في منزله فإذا ابنه يصايحه في شيء وقد ارتفعت أصواتهما فقلت ما هذا فقال: هذا يزعم أن علي بن أبي طالب هاشمي فقلت أنا: بل علوي فاحكم بيننا. فقلت أنا: هو علوي ألا ترى إلى اسمه علي فقال لي: ابصق في وجهه فقلت: كلاكما يستحق ذلك. شيخ يتعاطى النحو: كان بسجستان شيخ يتعاطى النحو وكان له ابن فقال لابنه: إذا أردت أن تتكلم بشيء فاعرضه على عقلك وفكر فيه بجهدك حتى تقومه ثم أخرج الكلمة مقومة. فبينما هما جالسان في بعض الأيام في الشتاء والنار تتقد وقعت شرارة في جبة خز كانت على الأب وهو غافل والإبن يراه فسكت ساعة يفكر ثم قال: يا أبت أريد أن أقول شيئاً فتأذن لي فيه قال أبوه: إن حقاً فتكلم قال: أراه حقاً فقال: قل قال: إني أرى شيئاً أحمر قال: وما هو قال: شرارة وقعت في جبتك فنظر الأب إلى جبته وقد احترق منها قطعة فقال للابن: لم لم تعلمني سريعاً قال: فكرت فيه كما أمرتني ثم قومت الكلام وتكلمت فيه فحلف أبوه بالطلاق أن لا يتكلم بالنحو أبداً. ليس لك صلة: دق رجل باب دار نحوي فقال: من ذا فقال: أنا الذي أبو عمرو الجصاص عقد طاق باب هذه الدار فقال النحوي: ما ترى لك في صلة الذي شيئاً فانصرف راشداً. امرأة تريد استعارة إزار: جاءت امرأة إلى جارة لها تستعير منها إزاراً لتمضي في حاجة وترده من ساعتها فقالت: قد غزلت من إزاري عشرة أساتير فاصبري حتى أتم غزل وأسلمه إلى الحائك ويفرغ منه وأعطيك إياه ولا تمري بمسمار فإنه جديد. الخف الجديد سالم: وقالت امرأة لأخرى: اليوم مشيت إلى قبر أحمد فدخل في رجلي مسمار فقالت لها: وكان الخف الجديد في رجلك قالت: لا قالت لها: فاحمدي الله. معاوية بن أبي سفيان: قال بعضهم: مررت بسوق وقد اجتمع فيه قوم على رجل يضربونه فقلت: ما ذنب هذا قالوا: شتم معاوية بن أبي سفيان صديق النبي صلى الله عليه وسلم ومن صلى معه أربعين سنة على طهر واحد وكان من المهاجرين والأنصار الذي اتبعوهم بإحسان وسمي خال المؤمنين لأنه كان أخا حواء من أمها وأبيها. سبب ضرب الرجل: قال بعضهم: مررت على قوم قد اجتمعوا على رجل يضربونه فتقدمت إلى شيخ كان يجيد قتله فقلت: يا شيخ ما قصة هذا قال: لا تكونن منهم هذا رافضي يقول: نصف القرآن مخلوق ونصفه لا وليس في القوم خير من النبي وبعده الخضر فبادرني الضحك فرددته مخافة الضرب وقلت: يا شيخ زده فإنك مأجور. اضرب الرجل طلباً للثواب: قال: ومررت بقوم قد اجتمعوا على رجل يضربونه فقلت لرجل يجيد ضربه: ما حال هذا قال: والله ما أدري ما حاله ولكنني رأيتهم يضربونه فضربته معهم لله عز وجل وطلباً للثواب. بائع الرمان: قال بعضهم: رأيت رجلاً يبيع الرمان في الأسواق ويطعمه أهل سوقه ويسألونه عن مسائل تقع لهم في الفقه وهو يكنى أبا جعفر فجاءته امرأة فقالت: يا أبا جعفر مريم بنت عمران كانت نبية قال: لا يا غافلة قالت: وإيش كانت قال: من الملائكة. مغفلاً واسط: قال الجاحظ: دخلت واسط فبكرت يوم الجمعة إلى الجامع فقعدت فرأيت على رجل لحية لم أر أكبر منها وإذا هو يقول لآخر: إلزم السنة حتى تدخل الجنة فقال له الآخر وما السنة قال: حب أبو بكر بن عفان وعثمان الفاروق وعمر الصديق وعلي بن أبي سفيان ومعاوية بن أبي شيبان قال: ومن معاوية بن أبي شيبان! قال: رجل صالح من حملة العرش وكاتب النبي صلى الله عليه وسلم وختنه على ابنته عائشة. من هم أهل الكهف: قال بعضهم: مررت على قوم اجتمعوا على رجل يضربونه فقلت لشيخ منهم: ما ذنب هذا قال: يسب أصحاب الكهف قلت: ومن أصحاب الكهف قال: لست مؤمناً قلت: بلى ولكني أحب الفائدة. قال: أبو بكر وعمر ومعاوية بن أبي سفيان ومعاوية هذا رجل من حملة سرادق العرش فقلت له: يعجبني معرفتك بالأنساب والمذاهب فقال: نعم خذ العلم عن أهله فقال واحد منهم لآخر: أبو بكر أفضل من عمر قال: لا بل عمر قال: وكيف علمت قال: لأنه لما مات أبو بكر جاء عمر إلى جنازته ولما مات عمر لم يجيء أبو بكر إلى جنازته المرض الحقيقي للمغفل: مرض بعض المغفلين فأتي بطبيب فقال الطبيب: إذا كان غداً فاحفظوا البول حتى أجيء وأنظره فلما خرج الطبيب من عنده بقي لا يبول إلى الغد فلما جاء الطبيب قال له المريض: يا عبد الله قد كادت مثانتي تنشق من إحباسي البول فلماذا تأخرت فقال: إنما أمرتك أن تحفظ البول في إناء فلما كان الغد جاء الطبيب فإذا هو قد أخذ برنية خضراء فقال الطبيب: ما هذا أخطأت ألم يكن في الدنيا شيء من الزجاج كنت تأخذ في قارورة أو في قدح فلما كان من الغد أخذ البول في قدح من الخشب فعرضه عليه فقال له: أنت في حرج ألا نظرت إلى هذا الماء فاصدقني في أمري هل يخاف علي من هذه العلة قال: أما إذا حلفتني فلا بد أن أقول: أنا خائف أن تموت من هذا العقل لا من هذه العلة. وصفة طبيب: دخل بعض الحمقى من الأطباء على عليل فشكا إليه العليل ما يجد فقال: خذ مثل رأس الفأرة كلنجيين وصب عليه مقدار محجمة ماء واضربه حتى يصير مثل المخاط واشربه فقال العليل: قم لعنك الله فقد قذرت إلي كل دواء في الأرض. شربة تصلح لسنة كاملة: كان طبيب أحمق قد أعطى رجلاً من جيرانه شربة فأقامته قياماً حتى مات منه فجاء الطبيب يتعرف خبره فوجده قد مات فقال: لا إله إلا الله من شربة ما كان أقواها لو عاش ما كان يحتاج إلى أن يشرب الدواء سنة أخرى. سرقت ثيابك. . . إذن افتصد: سرقت ثياب رجل من الحمام فخرج عرياناً وعلى باب الحمام طبيب أحمق فقال له: ما قصتك فقال: سرقت ثيابي. قال: بادر وافتصد تخف عنك حرارة الغم. أصيب بعضهم بأمه فقعد يبكي ويقول: يا أمي أماتني الله قبلك أمي زانية إن لم تدخل الجنة لا دخلتها امرأة أبداً. لا أرضى أن يغسل ابني عدو: مات ولد لرجل فقيل له: ادع فلاناً يغسله فقال: لا أريد لأن بيني وبينه عداوة فيعنف بابني في الغسل حتى يقتله. إجتمع رجلان في طريق الحج فقال أحدهما للآخر: كم قد حججت قال: مع هذه التي نحن فيها واحدة. مكافأة جارية ميتة: ماتت جارية لرجل فلما دفنها قال: لقد كنت تقومين بحقوقي فلأكافئنك اشهدوا علي أنها حرة. أراد الخير بالشتم: وقفت سائلة على باب قوم فقال لها رجل: اذهبي يا زانية فقالت: إذا لم تعطني فلم تسبني قال: والله ما أردت بهذا إلا الخير أردت أن تؤجري وآثم. حكي أن بعض المغفلين اشترى بقطعة شيرجاً في غضارة فامتلأت الغضارة فقال البقال: قد بقي لك من الشيرج في أي شيء تأخذه فقلب الغضارة وقال: في هذه وأشار إلى كعبها فطرح البقال الباقي في ذلك الكعب فأخذه الرجل ومضى فلقيه رجل فقال: بكم اشتريت هذا الشيرج فقال: بقطعة فقال: هذا القدر فقط فقلبها وقال: هذا أيضاً. حلق لحيته ليأخذ دينه: كان لرجل على رجل أربعة دراهم فجاء يوماً يقتضيه فقال: غداً أعطيك فقال: لا أذهب حتى تحلف لي أنك تعطنيها غداً فحلف له: إنك إن جئت لا تذهب إلا وهي معك وأشهد عليه بذلك ومضى فجاء من الغد فقال له ما عندي شيء وإنما حلفت إنك لا ترجع إلا وهي معك أعني لحيتك. فأشهد عليه بهذا القول وذهب سريعاً إلى الحجام وحلق لحيته وجاء إليه وما برح حتى أخذ دراهمه. بيت الماء لا يمتلىء: وقال قوم لغلام: املأ بيت الماء فنقل ماء كثيراً وأبطأ عليهم فقالوا: ما هذا الإبطاء فصعدوا إليه فإذا به يقلب الماء في بيت الماء فقال: كلفتموني أن أملأ هذا وما أظنه يمتلىء في شهر. حكى لي بعض أصدقائنا قال: كان عندنا رجل اتهم بسرقة فأخذ وجرت له قصة فجاءني بعد أيام فقال: عندك الخبر مضيت إلى المنجم فأعطيته قطعة فحسب لي وقال: والله إنك بريء مما اتهمت به وإنك ما سرقت شيئاً. اختلفوا فيما يقال عند رؤية الجنازة: رأى بعضهم جنازة قد أقبلت فقال: ربي وربك الله لا إله إلا الله فقال آخر: أخطأت إذا رأيت جنازة فقل: اللهم ألبسنا العافية فتشاجرا في ذلك فاحتكما إلى آخر فقال: إذا رأيتم جنازة فقولوا: سبحان الله من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. نجمة التيس: قال منجم لرجل من أهل طرسوس: ما نجمك قال: التيس فضحك الحاضرون وقالوا: ليس في النجوم والكواكب تيس قال: بلى قد قيل لي وأنا صبي منذ عشرين سنة: نجمك الجدي فلا شك أنه قد صار تيساً منذ ذلك الوقت. لا أذهب ليلاً وحدي: كان لبعض الكتاب غلام فأمسى السيد عند بعض أصدقائه فقال للغلام: اذهب إلى البيت هات شمعة فقال: يا سيدي أنا لا أجسر أذهب وحدي في هذا الوقت فأحب أن تقوم معي حتى تحمل الشمعة وأجيء معك. الرجل وغلامه: وقال رجل لغلام: هات ناراً وأشعلها قال: يا مولاي لأي شيء تريد النار قال: أريد أتخذ عصيدة فقال: يا مولاي لقمني حتى أجيء بالعجلة. أرعف من الداخل: لكم رجل رجلاً فصاح: أدميتني فلم ير دماً فقال: أين الدم فقال: أنا أرعف من داخل. رجلان سلبا قافلة: وقع رجلان على قافلة فيها ستون رجلاً فأخذوا مالهم وثيابهم فقيل لبعضهم: كيف غلبكم رجلان وأنتم ستون فقال: أحاط بنا واحد وسلبنا الآخر كيف نعمل أنا رجل من الأنصار: كلم رجل رجلاً بشيء يغضبه فقال: أتقول لي هذا وأنا رجل من الأنصار قال له: النصارى مرض لأنه أكل جملاً: عن ابن الرومي قال: قال طبيب لتلميذه: إذا دخلت إلى مريض فانظر إلى أثر ما عنده من طعام أو شراب فانهه عما لا يصلح من ذلك فدخل الغلام يوماً على مريض فنظر إلى حداجة جمل في الدار. فقال للمريض: أنا والله لا أصف لك دواء قال: ولم قال: لأنك قد أكلت جملاً قال: لا والله ما أكلت جملاً قط فقال: هذه الحداجة من أين كلوا فالأذان لم يصل: عن إبراهيم بن القعقاع: انتبه قوم ليلة في رمضان وقت السحور فقالوا لأحدهم: أنظر هل تسمع أذاناً فأبطأ عنهم ساعة ثم رجع فقال: اشربوا فإني لم أسمع أذاناً إلا من مكان بعيد. كتابة الخاتم: كتب رجل من آل أبي رافع إلى خاتمه: أنا فلان ابن فلان رحم الله من قال آمين. مغفل يدفع عن نفسه الموت: مرض رجل مرة فلما اشتد به المرض أمر بجمع العيدان والطنابير والمزامير إلى بيته فأنكروا عليه ذلك فقال: إنما فعلت ذلك لأني سمعت أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه شيء من آلات الملاهي والفجور فإن كان ملك الموت من الملائكة دفعته عني بهذه الأشياء. غصب وتصدق: غصب رجل رجلاً وتصدق به فقيل له في ذلك: فقال: أخذي إياه سيئة وصدقتي به عشر حسنات فمضت واحدة وبقيت لي تسعة. حماقات متعددة: سئلت امرأة عن حرفة زوجها فقالت: متولي إخراج المساكين من المسجد الجامع وقد أرجعت له المقصورة. قيل لبعضهم: كل قال: ما بي أكل لأني أكلت قليل أرز فأكثرت منه. جاء قوم إلى رجل من الوجوه يسألونه كفناً لجارية له ماتت فقال: ما عندي شيء فتعودون قالوا: فنملحها إلى أن يتيسر عندك شيء. سئل بعض المشايخ المغفلين: أتذكر أن حج الناس في رمضان ففكر ساعة ثم قال: بلى أظن مرتين أو ثلاثة. قال بعض الناس لمملوكه: أخرج وانظر هل السماء مصحية أو مغيمة فخرج ثم عاد فقال: والله ما تركني المطر أنظر هل هي مغيمة أم لا المستشار مؤتمن: قال بعضهم لآخر وكان أحمق: المستشار مؤتمن وإني أريد أن أغسل ثيابي غداً أفترى تطلع الشمس أم لا ابنتي لا بكر ولا ثيب: جار رجل إلى أبي حكيم الفقيه وأنا حاضر ومع الجل ابنته ليزوجها من رجل فقال له الشيخ: أبكر إبنتك أم ثيب فقال: والله يا سيدي ما هي لا بكر ولا ثيب ولكنها وسطة فقال الشيخ: فأيش هي: عوان بين ذلك فضحك الجماعة وذلك الوالد لا يدري. حكم على نفسه بالموت: عن أبي محمد بن معروف قال: كان يلزمني فتى نصراني حسن الخط مليح الشعر إلا أنه كان سوداوياً فحكم لنفسه أنه يموت في اليوم الفلاني فجاء ذلك اليوم وهو صحيح فخاصم امرأته وترقى الشر بينهما إلى أن أخذ عمود الهاون ودق به رأسها فماتت فجزع جزعاً شديداً فقال: قد علمت أنه يوم قطع علي ولابد أن أموت فيه والساعة يجيء أصحاب الشرطة فيأخذوني فيقتلوني فأنا أقتل نفسي عزيزاً أحب إلي فأخذ سكيناً فشق بها بطنه فأدركته حلاوة الحياة فلم يتمكن من تخريقها فسقطت السكين فقال: هذا ليس بشيء فصعد إلى السطح فرمى نفسه إلى الأرض فلم يمت واندقت عظامه فجاء صاحب الشرطة فأخذوه فلما كان آخر الليل مات. هذه الهرة أمي: عن أبي الحسن علي بن نظيف المتكلم قال: كان يحضر معنا ببغداد شيخ فحدثنا أنه دخل على بعض من كان يعرفه بالتشيع قال: فوجدته وبين يديه سنور وهو يمسحها ويحك بين عينيها ورأسها وعيناها تدمعان كما جرت عادة السنانير وهو يبكي بكاء شديداً فقلت له: لم تبكي فقال: ويحك ما ترى هذه السنور تبكي كلما مسحتها هذه أمي لا شك وإنما تبكي حسرة من رؤيتها إلي قال: فأخذ يخاطبها بخطاب من عنده ظاناً أنها تفهم عنه وجعلت السنور تصيح قليلاً قليلاً فقلت له: فهي تفهم عنك ما تخاطبها به قال: نعم فقلت له: أتفهم لابس الثياب الغليظة صيفاً: قال الجاحظ: مررت يوماً بقطان في الكرخ في دكانه وعليه لحية طويلة وقميص جديد غليظ وكان يوماً صائفاً شديد الحر فتعجبت منه فقال لي: ما وقوفك أعزك الله قلت: أتعجب من صبرك على هذا القميص الجديد في هذا الحر الشديد! قال: صدقت أعزك الله عندي غزل كثير وعزمي أن أسلم منه إلى الحائك قميصاً خلقاً أتخفف به طول هذه الصيفية فقلت: الصواب ما رأيت. شووا لي خاثرة: وقال: دخلت يوماً على بعض إخواني من التجار أعوده وكان طويل اللحية فقلت له: ما أكلت فقال: شووا لي خاسرة وأكلت يعني خاثرة. خيل مصر عند الرشيد: وقال: أخبرت عن الأصمعي قال: عرض الرشيد خيل مر فما مر به فرس إلا وعليه سمة نتاج الفخر الجنيدي فقال: ويلكم من هذا الجنيدي الذي له كل هذا النتاج وأمر بإشخاصه فكتب إلى عامل مصر فأشخصه فلما دخل عليه نظر إليه من أول الدار فإذا عليه لحية قد أخذت لسرته طولاً ولآباطه عرضاً وإذا هو مستعجل في مشيه ينظر إلى أعطافه فلما رآه قال: أحمق ورب الكعبة فلما دنا منه قال: يا جنيدي من أين لك هذه الخيل قال: من رزق الله وأفضاله فلما رآه هالكاً قال: ما أحسن لحيتك يا جنيدي قال: اقبلها يا أمير المؤمنين خلعة لك والخيل معك فبك فداهما الله فإن قدرك عندي أعظم القدور وكرامتك عندي عزيزة جداً فصاح به: اغرب عليك لعنة الله ثم قال: أخرجوه فقد أسمعني كل مكروه لعن الله هذا وخيله معه. سيف أبي حية النميري: قال ابن قتيبة: حدث جار لأبي حية النميري قال: كان لأبي حية سيف ليس بينه وبين الخشبة فرق وكان يسميه لعاب المنية قال: فأشرفت عليه ليلة وقد انتضاه وهو واقف على باب بيت في داره وقد سمع حساً وهو يقول: أيها المغتر بنا والمجترىء علينا بئس والله ما اخترت لنفسك خير قليل وسيف صقيل لعاب المنية الذي سمعت به مشهورة ضربته لا تخاف نبوته أخرج بالعفو عنك لا أدخل بالعقوبة عليك إني والله إن أدع قيساً تملأ الفضاء خيلاً ورجلاً يا سبحان الله ما أكثرها وأطيبها ثم فتح الباب فإذا كلب قد خرج فقال: الحمد لله سبب كثرة ماله: قال الفضل بن مرزوق: أتدرون لأي شيء كثر مالي قالوا لا قال: لأني سميت نفسي بيني وبين الله محمد وإذا كان اسمي عند الله محمداً فما أبالي ما قال الناس. ثوبه طبري ولو رآه الناس كلهم قوهياً: عن المزرودي قال: اشترى أحمد الجوهري كساء أبيض طبرياً بأربعمائة درهم وهو عند الناس فيما تراه عيونهم قوهي يساوي مائة درهم قال: إذا علم الله أنه طبري فما علي من الناس. لا أبيع كنيتي بمال الدنيا: قال الجاحظ: كان أبو خزيمة يكنى أبا جاريتين فقلت له يوماً: كيف اكتنيت بهذه الكنية وأنت فقير لا تملك جاريتين: أفتبيعهما الساعة بدينار وتكنى أي كنية شئت قال: لا والله ولا بالدنيا وما فيها. كل يوم يقع مع رجال الدالية: وقال عن ثمامة بن أشرس قال: كان رجل يقوم كل يوم فيأتي دالية لقوم فلا يزال يمشي مع رجال الدالية على ذلك الجزع ذاهباً وجائياً في شدة البرد والحر حتى إذا أمسى نزل إلى النهر فتوضأ وصلى وقال: اللهم اجعل لي من هذا فرجاً ومخرجاً ثم انصرف إلى البيت فكان كذلك حتى مات. لا تغمزها فتسلم من الألم: قال: وحدثني يزيد مولى إسحاق بن عيسى قال: كنا في منزل صاحب لنا إذ خرج واحد منا ليقيل في البيت الآخر فلم يلبث ساعة حتى سمعناه يصيح أواه فنزلنا بأجمعنا إليه فزعين وقلنا: ما لك مالك وإذا هو على شقه الأيسر وهو قابض بيده على خصيته فقلنا له: لم صحت قال: إذا غمزت خصيتي اشتكيتها وإذا اشتكيتها صحت فقلنا: لا تغمزها قال: نعم إن شاء الله جزاكم الله خيراً. يحتجم لأنه أصفر اللون: قال: وحدثني ثمامة قال: مررت يوماً وإذا شيخ أصفر كأنه جرادة وزنجي يحجمه قد مص دمه حتى كاد يستفرغه فقلت: يا شيخ لم تحتجم قال: لمكان هذا الصفار الذي بي. كان لرجل من أصدقائنا غلام فأعطاه قطعاً ليشتري بها شيئاً وكان فيها قطعة رديئة فقال له: يا سيدي هذه ما يأخذها الرجل فقال: اجتهد أن تصرفها كيف اتفق فلما اشترى وجاء قال: وقد صرفتها قال: كيف فعلت قال: تركته يزن الذهب وتغفلته فرميتها في ميزانه. يريد أن يتعرف إلى أشخاص رآهم في الحلم: حكى لي بعض إخواننا أن رجلاً أتى مفسر المنامات فقال: رأيت كأن معي رجلين ونحن نمضي إلى فلان في حاجة فقال له: أتعرف الرجلين قال: أعرف أحدهما ومنزله في باب البصرة فأريد أسأل صاحبي عن ذلك الرجل الآخر. القرآن قديم: سمع رجل في زماننا قوماً يتكلمون في القرآن ويقول بعضهم: ليس بقديم فقال: ما أبله هؤلاء قد تكلم الله بالقرآن منذ خمسمائة سنة فكيف لا يكون قديماً. شراء الدبس: اشترى رجل في زماننا من بقال رطلين دبساً فأعطاه طاساً ليجعله فيها فغرف بالطاسة من التغار وترك صنجة الرجلين فلما رآها ترجح صب من الدبس ثم أعادها إلى الميزان فرجحت فجعل يصب ثم يعيدها وهي ترجح فقال لصاحبها: ما أرى يبقى لك شيء فقال له صاحبها: هذه الطاسة فيها ثلاثة أرطال فإن أردت أن تستوي الميزان فاكسر من جانب الطاسة وإلا ما تستوي. تاريخ القراءة: قرأت بخط بعض المغفلين وقد نظر في كتاب ثم كتب عليه: نظرت في هذا الكتاب والأقوات رخيصة والكارة السميد تساوي ديناراً ودانقاً والخشكار بثمانية عشر قيراطاً فالله تعالى يديم ذلك. وكتب آخر على كتاب: نظر فيه فلان ابن فلان وأنا من ولد داود ابن عيسى بن موسى وموسى هو أخو السفاح. الحساب الرديء: حدثني بعض إخواني أنه كان بتكريت وأن رجلاً اشترى من خباز مائتين وعشرين رطلاً من الخبز بدينار ثم كان يأخذ كل يوم شيئاً إلى أن تحاسبا يوماً فقال: قد أخذت مائة وعشرين رطلاً وبقي لك مائة وعشرين فقال له: انذر هذه بهذه وأعطني الدينار فجعل الرجل يستغيث ويقول كيف أفعل بهذا فيقول: أليس لك عندي مائة وعشرين ولي عندك مائة وعشرين فيقول: بلى فيقول: انذر هذه بهذه وأعطني الدينار فاجتمع الناس عليهم على ذلك إلى أن رفعت قصتهم إلى الأمير. حلقت شعراً رآه غيره محرم: رجع بعض القرشيين إلى امرأته وكانت قرشية وقد حلقت شعرها وكانت أحسن النساء شعراً فقال: ما خطبك فقالت: أردت أن أغلق الباب فلمحني رجل ورأسي مكشوف فحلتقه وما كنت لأدع شعراً رآه من ليس لي بمحرم. ومثل هذا بلغني عن بعض القصاص أنه قال لأصحابه: احلقوا اللحى التي تنبت في مواقف الشيطان. مغفل يجد في القرآن غلطاً: حدثني بعض العلماء أن رجلاً مغفلاً نظر في المصحف فقال: قد وجدت فيه غلطتين فأصلحوهما قالوا: وما هي قال: أهذا الذي ينزل من السماء مطراً: حدثني بعض الأصدقا أن رجلاً وقف بباب داره يوم الجمعة والمطر يأتي سيلاً فقال لرجل من المارين: يا أخي هو ذا الذي يجيء مطر فقال له: أما ترى فقال: أردت أن أقلد غيري في انقطاعي عن الجمعة ولا أعمل بعلمي. طرق الحمقى: وروى أبو بكر الصولي عن إسحاق قال: كنا عند المعتصم فعرضت عليه جارية فقال: كيف ترونها فقال واحد من الحاضرين: امرأتي طالق إن كان الله عز وجل خلق مثلها وقال الآخر: امرأتي طالق إن كنت رأيت مثلها وقال الثالث: امرأتي طالق. وسكت فقال المعتصم: إن كان ماذا فقال: إذا كان لا شيء فضحك المعتصم حتى استلقى وقال: ويحك ما حملك على هذا قال: يا سيدي هذان الأحمقان طلقا لعلة وأنا طلقت بلا علة. سريرة إبليس: قيل لبعض البله وكان يتحرى من الغيبة: ما تقول في إبليس فقال: أسمع الكلام عليه كثيراً والله أعلم بسريرته. كيف فقد المغفل حماره: حكى لي بعض الإخوان أن بعض المغفلين كان يقود حماراً فقال بعض الأذكياء لرفيق له: يمكنني أن آخذ هذا الحمار ولا يعلم هذا المغفل قال: كيف تعمل ومقوده بيده فتقدم فحل المقود وتركه في رأس نفسه وقال لرفيقه: خذ الحمار واذهب فأخذه ومشى ذلك الرجل خلف المغفل والمقود في رأسه ساعة ثم وقف فجذبه فما مشى فالتفت فرآه فقال: أين الحمار فقال: أنا هو قال: وكيف هذا قال: كنت عاقاً لوالدتي فمسخت حماراً ولي هذه المدة في خدمتك والآن قد رضيت عني أمي فعدت آدمياً فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله وكيف كنت أستخدمك وأنت آدمي! قال: قد كان ذلك قال: فاذهب في دعة الله فذهب ومضى المغفل إلى بيته فقال لزوجته: أعندك الخبر كان الأمر كذا وكذا وكنا نستخدم آدمياً ولا ندري فبماذا نكفر وبماذا نتوب فقالت: تصدق بما يمكن قال: فبقي أياماً ثم قالت له: إنما شغلك المكاراة فاذهب واشتر حماراً لتعمل عليه فخرج إلى السوق فوجد حماره ينادى عليه فتقدم وجعل فمه في أذنه وقال: يا مدبر عدت إلى عقوق أمك. واستاه واستاه: ماتت قريبة لأبي منصور بن الفرج وكان رئيساً فاجتمع الناس على اختلاف طبقاتهم لقضاء حقه وخرجت الجنازة وجعل النساء يلطمن ويقلن: واستاه واستاه. على ما جرت به العادة فأنكر زوج المرأة هذا وقال: لا ست إلا الله وصاح عليهن فضحك الناس وصار المقام هزلاً بعد الحزن. طول الرمح أربعة عشر ذراعاً: دخل على موسى بن عبد الملك يوماً صاحب خزانة السلاح فقال له: قد تقدم أمير المؤمنين يعني المتوكل ليبتاع ألف رمح طول كل رمح أربعة عشر ذراعاً فقال: هذا الطول فكم يكون العرض فضحك الناس ولم يفطن لما غلط فيه. ما هو التبيع: قال المبرد: قرأ ابن رباح بحضرة المنتصر كتاب الصدقات فقال: في كل ثلاثين بقرة تبيع فقال المنتصر: ما التبيع فقال أحمد بن الخصيب: البقرة وزوجها. سمع أحمد بن الخصيب مغنية تغني: إن العيون التي في طرفها مرض قتلننا ثم لم يحيين قتلانا فقال: هذا الشعر لأبي. كان سهل بن بشر ممن ارتفع في الدولة الديلمية وكان رقيعاً فشتم فراشاً فرد عليه فقالم يعدو خلفه فوقعت عمامته فأخذها سهل وما زال يعضها ويخرقها ويقول: اشتفيت والله. ثم عاد إلى مكانه. حج قبل أن تحفر زمزم: شهد رجل عند بعض القضاة على رجل فقال المشهود عليه: أيها القاضي تقبل شهادته ومعه عشرون ألف دينار ولم يحج إلى بيت الله الحرام فقال: بلى حججت قال: فاسأله عن زمزم فقال: حججت قبل أن تحفر زمزم فلم أرها. الحائط المتصدع: قال أبو الحسن بن هلال الصابىء: أحضر إنسان بناء لمشاهدة حائط في داره قد عاب فاتفق أن أمه تغسل الثياب فاخرج إلى البناء تراباً من تراب ذلك الحائط في طشت وقال: ما يمكن أنك اليوم تدخل فهذا من ترابه فانظر إليه واعرف ما يريد فقال: أنا أرجع إليك غداً فضحك منه وانصرف. عمامة الفقيه: قال وكان في جوارنا فقيه يعرف بالكشفلي من الشافعيين تقدم في العلم حتى صار في رتبة أبي حامد الإسفراييني وقعد بعد موته مكانه قال: فأهديت إليه عمامة عريضة قصيرة من خراسان فقلت له: أيها الشيخ اقطعها وألفقها ليمكنك التعمم بها فلما كان من الغد رأيتها على رأسه أقبح منظر فتأملتها وإذا به قد قطعها عرضاً ولفقها فصار عرضها أربعة عشر وطولها نصف ما كان فتعجبت منه ولم أراجعه. هذه ألية بقر: أخبرني أبو عيسى اللحام قال: جاءني رجل له منظر ليشتري مني ألية فأخرجت له ألية صغيرة فقال لي: أتهزأ بي هذه ألية بقر وأنا أريد ألية الضأن فقلت له: ليس للبقر ألية فقال: حدث بهذا غيري ولا تستبلهني فطالعت له غيرها فأعجبته ورضي بها. وقع جرف في بعض السنين فقال بعض المغفلين: مات في هذه السنة من لم يمت قط. هذا آخر ما انتهى إلينا من أخبار الحمقى والحمد لله وحده.
|